تحت عنوان "حياتك من صنع أفكارك" كتب الإمام محمد الغزالي: "سعادة الإنسان أو شقاوته أو قلقه أو سكينته تنبع من نفسه وحدها"، عادّا أن الإنسان هو الذي يمنح الحياة ألوانا مبهجة أو يصبغها بألوان كئيبة.
ونقل عن "ديل كارنيجي" أنه قال: "أفكارنا هي التي تصنعنا، واتجاهنا الذهني هو العامل الأول في تقرير مصائرنا"، وعن الإمبراطور الروماني ماركوس أورليوس قوله: "إن حياتنا من صنع أفكارنا".
وروى قصة الرسول الكريم ـ صلى الله عليه وسلم ـ حين زار أعرابيا مريضا يتلوى من شدة الحمى، فقال له "طهور"، فقال الأعرابي: بل هي حمى تفور، على شيخ كبير، لتورده القبور، فقال الرسول: "فهي إذن".
وقال الغزالي: يعني أن الأمر يخضع للاعتبار الشخصي، فإن شئت جعلتها تطهيرا ورضيت، وإن شئت جعلتها هلاكا وسخطت.
ونقل عن "كارنيجي" حكاية شاب أنهكته العلة فسافر عن أهله يطلب الصحة والراحة والسياحة، وكان أبوه يعلم طبيعة علته، وأن مرضه جاء من توعك مزاجه وغلبة أوهامه، فكتب إليه في غربته: "ولدي إنك الآن على بعد ألف وخمسمئة ميل عن بيتك، ومع ذلك لست تشعر بفرق بين الحالين هنا وهناك، أليس كذلك؟ بلى، لأنك أخذت في سفرك الشيء الوحيد الذي هو مصدر كل ما تعانيه من مرض ذلك هو "نفسك"... إنما الذي تردى بك هو العوج الذهني الذي واجهت به تجاربك، وكما يفكر المرء يكون، فمتى أدركت ذلك يا بني فعد إلى بيتك وأهلك، لأنك يومئذ تكون قد شفيت".
قال الشاب: هاجني هذا الكلام، وبلغ بي الغضب حدا قررت معه ألا أعود إلى بيتي وأهلي، وبينما كنت أذرع أحد الشوارع وجدت كنيسة في طريقي تقام فيها الصلاة، ولما لم تكن لي وجهة معينة فقد دخلت إليها لأستمع إلى الموعظة الدينية التي كان عنوانها "هذا الذي يقهر نفسه أعظم من ذاك الذي يفتح مدينة".
يقول: وكأنما كان جلوسي وإنصاتي إلى الأفكار التي تضمنتها رسالة أبي وتقال بصيغة أخرى، ممحاةً مسحت الاضطراب الذي يطغى على عقلي، وجعلتني تلك اللحظة أفكر تفكيرا متزنا في حياتي، وهالني أن أرى نفسي على حقيقتها، وقد رأيتني أريد أن أغير الدنيا وما عليها في حين أن الشيء الوحيد الذي كان في أشد الحاجة إلى التغيير هو تفكيري واتجاه ذهني.