تقول الأرقام إن ما يقرب من 70% من حجم الهدية الغالية براتب شهرين ستذهب إلى الكبار من موظفي القطاع العام، بينما يتنافس أقل من الربع منهم ومن صغار الموظفين على بقية النسبة. الأرقام نفسها تشير إلى أن أكثر من 60% من موظفي القطاع الحكومي العام لا ينتظرون بفارغ صبر وقت نزول الراتبين. ولن أكذب، فأنا ضمن نطاق هذه النسبة التي لا تنتظر نزول الراتبين في هذا الأسبوع أو حتى في الشهر الذي يليه. لله أولا الحمد والمنة ثم ثانيا الشكر للوالد الغالي سلمان بن عبدالعزيز على فرحة شعب.

السؤال: ماذا يمكن أن تفعل بالراتبين؟ بالنسبة لي، هما بالضبط، مهر زوجة جديدة بحسب تقاليد قبيلتي، وقد قلت هذا ماااازحا بكل إصرار وتأكيد لأم مازن عند صدور القرار السامي ونحن نستمع إلى البشارة على الكنبة. لكن والدتي -يحفظها الله- لها رأي مختلف حين علمت أنني وزوجتي سنتسلم أربعة رواتب في يوم قريب وفي الساعة نفسها. قالت لنا بلغة قروية: (زيدوا ضيعوها مع ما قد ضاع.. حطوها في أرضية). وبالطبع لأن أمي من سلالة قبلية اشتهرت بحب العقار وامتلاك الأرض، فهي لا تعلم أن هذه الرواتب الأربعة لن تمنحنا أرضا ولو على أطراف الربع الخالي. والخلاصة أنني لن أتحدث عن ثلثي الموظفين الذين سيقضمون 70% من هذه المكرمة كمجرد إضافات بنكية. الحديث المهم في -سؤال الراتبين- عن الثلث المتبقي.

من حسن الحظ أن هذه الهدية الغالية جاءت في توقيت مناسب. جاءت حين عاد الشعب إلى منازله في نهاية إجازة، وجاءت حين لا زال بيننا وبين الأعياد والمواسم ما يقرب من نصف سنة. أنا أعتبرها أول هدية ملكية براتبين ستذهب لقضاء "الدفاتر" القديمة لهذا الثلث المسكين في البقالة والمطعم والمغسلة. ستذهب لآلاف الورش الصناعية التي ستعمل على (فخذ وركبة) لإصلاح آلاف (الدقشات) الخفيفة التي خدشت عيون آلاف الأسر من هذا الثلث طوال فترة طويلة. سيبقى من الراتبين نصيب للحم الأحمر الذي غاب عن أفواه ثلث الموظفين الذين لم يعرفوا من قبل سوى أسماء شركات الدجاج. بالنسبة لي: لا زلت أقرأ حتى الساعة فرمان (مهر) قبيلتي، وسبحانه... كيف تطابق رقم القبيلة مع حجم الراتبين.