وضع الملك عبدالله بن عبدالعزيز رحمه الله، حدا لرواد أماكن القتال والفتنة من السعوديين أو المنتمين والمتعاطفين مع الجماعات المتطرفة والإرهابية عبر أمر ملكي تضمن حزمة إجراءات وعقوبات صارمة بحق من يثبت تورطه.

وجاءت العقوبات الواردة في نص الأمر الملكي "انطلاقاً من مقاصد الشريعة في حفظ الأمة، وبعدها عن الفرقة. وتأسيساً على قواعد الشرع بوضع الضمانات لحفظ كيان الدولة من كل متجاوز للمنهج الدستوري في المملكة"، إضافة إلى "واجب الملك نحو سد الذرائع المفضية لاستهداف منهجنا الشرعي، من قبل المناهج الوافدة".

وتنوعت العقوبات الواردة في الأمر الملكي بحسب الفعل، فجاءت العقوبة بالسجن لمدة لا تقل عن 3 سنوات، ولا تزيد على 20 سنة، لـ"كائنا من كان"، للإقدام على المشاركة في أعمال قتالية خارج المملكة، بأي صورة كانت، محمولة على التوصيف المشار إليه في ديباجة الأمر الملكي.

وكذلك الانتماء للتيارات أو الجماعات الدينية أو الفكرية المتطرفة أو المصنفة كمنظمات إرهابية، أو تبني فكرها بأي صورة كانت، أو الإفصاح عن التعاطف معها بأي وسيلة كانت، أو تقديم أي دعم لها، أو التحريض على شيء من ذلك بالقول أو الكتابة. وغلظ الأمر الملكي عقوبة الأفعال السابقة بحق مرتكبها إن كان عسكريا، بالسجن لمدة لا تقل عن 5 سنوات، ولا تزيد عن 30 سنة. كما وجه الملك بتشكيل لجنة من عدة وزارات لإعداد قوائم بالجماعات، ورفعها للملك، في حين أبلغ محللون "الوطن" أن تنظيم القاعدة وجماعات "الإخوان" و"السرورية" و"التبليغ" ستكون على رأس تلك القوائم.


مقاصد الشريعة

وجاء في الأمر الملكي: "انطلاقاً من مقاصد الشريعة الإسلامية في حفظ الأمة، في دينها، وأمنها، ووحدتها، وتآلفها، وبعدها عن الفرقة، والتناحر، والتنازع، استهداءً بقول الحق سبحانه "واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا"، وقوله جل وعلا "وأن هذا صراطي مستقيماً فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله"، وقوله صلى الله عليه وسلم "من فارق الجماعة شبراً فارق الإسلام".

وأضاف الأمر "تأسيساً على قواعد الشرع بوضع الضمانات اللازمة لحفظ كيان الدولة من كل متجاوز للمنهج الدستوري المستقر عليه في المملكة، بما يمثل نظامها العام الذي استتب به أمنها، وتآلف عليه شعبها، تسير به على هدى من الله وبصيرة، تهدي بالحق وبه تعدل، وانطلاقاً من واجبنا نحو سد الذرائع المفضية لاستهداف منهجنا الشرعي، وتآلف القلوب عليه من قبل المناهج الوافدة، التي تتخطى ضوابط الحرية في التبني المجرد للأفكار والاجتهادات إلى ممارسات عملية تخل بالنظام، وتستهدف الأمن، والاستقرار، والطمأنينة، والسكينة العامة، وتلحق الضرر بمكانة المملكة، عربياً وإسلامياً ودولياً وعلاقاتها مع الدول الأخرى، بما في ذلك التعرض بالإساءة إليها ورموزها، وبعد الاطلاع على المواد "الحادية عشرة، والثانية عشرة، والسادسة والثلاثين، والثامنة والثلاثين، والتاسعة والثلاثين، والثامنة والأربعين، والخامسة والخمسين" من النظام الأساسي للحكم، الصادر بالأمر الملكي رقم أ/90 بتاريخ 27/8/1412، وبعد الاطلاع على الأنظمة والأوامر ذات الصلة، وعملاً بقواعد المصالح المرسلة في فقهنا الشرعي، وبناءً على ما تقتضيه المصلحة العامة، أمرنا بما هو آت: أولا: يعاقب بالسجن مدة لا تقل عن ثلاث سنوات، ولا تزيد على 20 سنة، كل من ارتكب -كائناً من كان- أياً من الأفعال الآتية: المشاركة في أعمال قتالية خارج المملكة، بأي صورة كانت، محمولة على التوصيف المشار إليه في ديباجة هذا الأمر. الانتماء للتيارات أو الجماعات -وما في حكمها- الدينية أو الفكرية المتطرفة أو المصنفة كمنظمات إرهابية داخلياً أو إقليمياً أو دولياً، أو تأييدها أو تبني فكرها أو منهجها بأي صورة كانت، أو الإفصاح عن التعاطف معها بأي وسيلة كانت، أو تقديم أي من أشكال الدعم المادي أو المعنوي لها، أو التحريض على شيء من ذلك أو التشجيع عليه أو الترويج له بالقول أو الكتابة بأي طريقة.

وأضاف الأمر "إذا كان مرتكب أي من الأفعال المشار إليها في هذا البند من ضباط القوات العسكرية، أو أفرادها، فتكون العقوبة السجن مدة لا تقل عن خمس سنوات، ولا تزيد عن 30 سنة". ثانيا: لا يخل ما ورد في البند "أولا"، من هذا الأمر بأي عقوبة مقررة شرعاً أو نظاماً. ثالثا: تسري على الأفعال المنصوص عليها في البند "أولا"، من هذا الأمر الأحكام المنصوص عليها في نظام جرائم الإرهاب وتمويله الصادر بالمرسوم الملكي رقم م/16 وتاريخ 24/2/1435، بما في ذلك الأحكام المتعلقة بالضبط والقبض والاستدلال والتحقيق والادعاء والمحاكمة.

رابعا: تشكل لجنة من وزارة الداخلية، ووزارة الخارجية، ووزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد، ووزارة العدل، وديوان المظالم، وهيئة التحقيق والادعاء العام، تكون مهمتها إعداد قائمة -تحدث دورياً- بالتيارات والجماعات المشار إليها في الفقرة 2 من البند أولاً من هذا الأمر، ورفعها لنا، للنظر في اعتمادها. خامسا: قيام وزير الداخلية بالرفع لنا -أولاً بأول- عن وقوعات القبض، والضبط، والتحقيق، والادعاء للجرائم المنصوص عليها في البند "أولا" من هذا الأمر. سادسا: يعمل بما ورد في البنود السابقة من هذا الأمر بعد ثلاثين يوماً من تاريخ نشره في الجريدة الرسمية.


تنظيمات التخريب

وباشرت وزارة الداخلية تطبيق الإجراءات العقابية ضد كل من يتجاوز المحددات التي توصلت إليها لجنة مكونة من 6 جهات حكومية، ووافق عليها المقام السامي، فيما أصدرت قائمة مكونة من 9 تنظيمات صنفتها بـ"الإرهابية".

وشملت الجماعات المحظور الانتماء إليها أو التعاطف معها أو الترويج إلى أجنداتها أو المشاركة في اجتماعاتها، سواء داخل البلاد أو خارجها، تنظيم القاعدة الأم وأفرعه بالعراق واليمن وجزيرة العرب، إضافة إلى جبهة النصرة وداعش، وحزب الله (الفرع السعودي) المسؤول عن تفجيرات الخبر عام 1990، وجماعتي "الإخوان المسلمين" و"الحوثي"، ويشمل ذلك كل تنظيم مشابه لهذه التنظيمات، فكراً، أو قولاً، أو فعلاً، وكافة الجماعات والتيارات الواردة بقوائم مجلس الأمن والهيئات الدولية وعُرفت بالإرهاب وممارسة العنف.

وذكر بيان للداخلية أن الوزارة سوف تقوم بتحديث هذه القائمة بشكل دوري وفق ما ورد في الأمر الملكي الكريم، وتهيب بالجميع التقيد التام بذلك، مؤكدة في نفس الوقت، بأنه لن يكون هناك أي تساهل، أو تهاون مع أي شخص يرتكب أياً مما أشير إليه. وأشارت وزارة الداخلية إلى أن المقام السامي أمر بأن يمنح كل من شارك في أعمال قتالية خارج المملكة بأي صورة كانت مهلة إضافية، مدتها خمسة عشر يوماً اعتباراً من صدور هذا البيان لمراجعة النفس والعودة عاجلاً إلى وطنهم.


رقابة أنشطة المهرجانات

من جهتها، تلقت إمارات المناطق توجيهات برقابة محظورات الأنشطة الثقافية والدعوية التي تنظمها اللجان الثقافية ومراكز التوعية بالمهرجانات الربيعية خلال الإجازة، بعد تقارير تلقتها وكالات الإمارات للشؤون الأمنية وإدارات العلاقات العامة تفيد بمخالفة بعض القائمين على الأنشطة الخطابية والتوعوية في المهرجانات لما جاء في قرار الداخلية الأخير حول التصنيفات الحزبية. وجاء ذلك بعد أن سجلت جهات رقابية ملاحظات عدة حول توجيه دعوات بعض الأنشطة لأسماء ترتبط بتيارات وأحزاب "محظورة"، دون الرجوع للجهات المختصة في إمارات المناطق، واعتبار ذلك مخالفة لما ورد في قرار وزارة الداخلية الذي صدر مؤخرا، والذي يعتبر بعض الأحزاب والجماعات "إرهابية"، مطالبة بمخاطبة كافة الأمانات واللجان المنفذة للفعاليات الربيعية خلال الإجازة الحالية، بعرض الأسماء المشاركة في الفعاليات الدعوية والتثقيفية على إمارات المناطق لفحصها من قبل لجان متخصصة، والتأكد من سلامة عدم انتمائها لأي تيارات أو أحزاب أو جماعات محظورة.

وطالبت الجهات الرقابية بإيقاف أنشطة خطابية كانت مجدولة في بعض فعاليات الإجازة الحالية ببعض المحافظات، لتضمنها إشراك أسماء أكاديميين سبق وأن أوقفت جامعاتهم أنشطتهم الخطابية، مما حدا بهم للبحث عن برامج وملتقيات الإجازة.