عندما تريد التعرف إلى شخصية عامة، فأنت بحاجة إلى تقصي آراء من عاشروا هذه الشخصية، وتعاملوا معها عن قرب، وقد يحتاج الأمر في بعض الأحيان إلى جهد، ولكن الأمر يبدو أسهل عندما تستطلع آراء من عرفوا ولي العهد الأمير مقرن بن عبدالعزيز.

وتكشف الحوارات الصحافية السابقة التي أجريت معه كثيرا من جوانب شخصيته، فهو تلقائي، ودود، بسيط، متواضع، يعشق العمل، والنظام، حريص على قضاء حوائج المواطن، ويحلم لوطنه بأن يحافظ دوماً على مكانته في مقدمة الدول.

"الوطن" تتلمس ملامح هذه الشخصية المميزة من خلال حواراته الصحافية السابقة:


ذكريات مع المؤسس

يتحدث الأمير مقرن عن ذكرياته مع والده الملك المؤسس، قائلا "كنت في السابعة أو الثامنة من عمري، وكانت في هذه السنوات بدايات مرضه – رحمه الله – وكنا نأتيه أطفالاً، أنا والأمير هذلول، والأمير حمود – رحمهما الله – ولكن لم يكن احتكاكنا به كبيرا كإخوتنا الكبار".

الملك سلمان بن عبدالعزيز

وعن علاقته بخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، يقول: "علاقتي بالأمير سلمان بدأت منذ أن كان أميرنا في الرياض، فهو يعد مستشاري الأمين، فعندما تسلمت إمارة منطقة حائل، كانت خبراتي لا تتجاوز ضابطا عسكريا متوسط الرتبة، كانت لدي مسؤوليات، ولكن لم تكن بالمستوى العالي.. فكنت عندما تمر بي قضية محددة أتصل بالأمير سلمان، وأخبره عنها، وأسأله ماذا يصنع إذا مر به مثلها، فيخبرني بحكم خبرته بما مر به من قضايا من هذا النوع، فأتخذ الإجراء بما لا يخالف الشرع ولا النظام، وأكثر القضايا كنت أحلها بهذه الطريقة باستشارة منه حفظه الله.


المجالس المفتوحة

ويصف الأمير مقرن دور المجالس المفتوحة في تعميق الروابط المميزة بين القيادة والشعب، ويقول إن "توجيه الملك عبدالله الواضح لجميع المسؤولين في الدولة أن تكون أبوابهم مفتوحة لاستقبال طلبات المواطنين، وملاحظاتهم، وشكاواهم، وقد بدأ الملك ذلك بنفسه، فمجلسه كان معروفا منذ عقود بأنه من أكثر المجالس اكتظاظاً بالمواطنين، واستقبالاً لمطالبهم وشكاواهم، والواقع أن الملك عبدالله كان يدرك أن الأبواب المفتوحة ستجبر المؤسسات والمصالح الحكومية والوزارات على الارتقاء بمستوى الخدمات، والتواصل مع متلقي الخدمة من المواطنين، وعموماً فإن المجالس المفتوحة تقليد عريق ومن سمات الحكم السعودي، وتتميز المملكة بها عن غيرها من الدول، وهذا ما يفسر العلاقة الطيبة التي تربط بين الحاكم والمحكوم في بلادنا.

الاستثمار

ويرى الأمير مقرن أن "الاستثمار في الإنسان هو رأس المال الحقيقي لهذه البلاد، وأنه الأكثر فائدة بين مجالات الاستثمار الأخرى، وأن لا شيء يوازي عوائده، ولهذا يعتقد أن الاستثمار في "ابن الوطن" ليس خياراً من بين خيارات، وإنما هو ضرورة ملحة يجب العمل عليها اليوم لنجني عوائدها غداً.

المرأة السعودية

ويرى الأمير مقرن أن "إشراك المرأة في عجلة التنمية أمر مهم، وقال إن "رؤية الملك عبدالله – رحمه الله – للمرأة، أنها نصف المجتمع، فهي الأم والأخت والابنة، لذا فإن دورها مهم وأساسي بدءاً من دورها في بناء اللبنة الأولى من المجتمع "أسرتها" إلى المجتمع الأكبر، وصولاً إلى وطنها، الذي يقدرها ويقدر دورها في عجلة التنمية.


البساطة أسلوب حياة

والأمير مقرن رجل يعشق البساطة، ويتخذ منها أسلوبا للحياة، وعن ذلك يقول "لا يحتاج الرجل إلى أساليب للحفاظ على البساطة، إذا كانت جزءاً من طبيعته التي لم تتأثر بالمنصب، لأن البساطة وليدة العفوية".


الطيران في دمي

وتتنوع اهتمامات ولي العهد، إلا أن الطيران يظل في دمه، حيث قال: "رغم مرور كل هذه السنوات، فإن الطيران لا يزال في دمي، بل إنني كثيراً ما أربط بين بعض ما يرد في ذهني من مواضيع عامة بعلم الطيران، إلا أن ظروفي العملية تحول دون ممارسة هذه الهواية حالياً".

ويروي قصة عشقه للطيران قائلا إن "معظم الناس يقولون إنهم هواة للطيران وما إلى ذلك، والطيران لا ينفع مع الهواة، فإما أن تكون محترفاً في هذا المجال أو لا تكون، ولا يصل إلى مرحلة الاحتراف فيه إلا شخص تعلم وتدرب كثيراً على أيدي أساتذة كبار في هذا المجال، حتى تتراكم لديه الخبرات، وأن تكون طياراً أو لا تكون هذه من الله، ولا ينم ذلك عن خوف أو عدم ذكاء، ولكن بعض الناس خلق ليكون كذلك، وأذكر عندما ذهبنا في أول دفعة لدراسة الطيران، كنا نحو 45 شخصاً، ولم يتخرج إلا تسعة، وهذا لا يعني أن البقية الذين لم يوفقوا لديهم نقص ذكاء أو شيء من هذا القبيل، بل العكس هناك زميل من المجموعة أصبح بفضل ذكائه وعلمه ولباقته واحداً من أفضل مهندسي الرادار في القوات الملكية السعودية، وهذا يعني أنه ليس قليل ذكاء، ولكن الله – عز وجل – لم يكتب له أن يكون طياراً".

الزراعة والفلك

وعن الهوايات الأخرى القريبة من قلبه، قال الأمير مقرن: "لدي هوايات كثيرة قريبة من قلبي، منها الزراعة والفلك اللتان كنت أمارسهما بشكل مكثف خلال فترة وجودي في منطقة حائل، وأثناء العمل على تطبيق التعاملات الإلكترونية في المدينة المنورة، أتيحت لي فرصة كبيرة للتعرف إلى المزيد حول هذا الجانب، وبالتالي تفاصيل أكثر عن التقنية التي أجد متعة كبيرة في متابعة كل جديد فيها، إضافة إلى هوايات أخرى استمتع بممارستها، مثل القراءة، والصيد، والتصوير".

وأضاف أن "الزراعة بدأت فعلاً لدي كهواية، وبدأت في استضافة اختصاصيين في هذا المجال، وأنشأت مكتبة زراعية لا بأس بها ومختبراً، وكانت لدي خلفية كيماوية كأي طالب في المدرسة، ولكن بدون تعمق، ومع القراءة والممارسة بدأت أقوم بتحاليل زراعية، وليس عن معرفة أو ادعاء، ولكن عن قراءة وتطبيق، والتحاليل لا تحتاج إلى علم قوي، ولكن بالقراءة والتطبيق الدقيق تخرج النتائج جيدة – بإذن الله –، ومن هنا بدأت مزرعة العزيزية التي جعلتني أميل إلى الميكنة، وهذا ما يعرفه القليلون".


القراءة

وعن علاقته بالقراءة، يقول ولي العهد "أحب القراءة، ولكن بعد تسلمي للاستخبارات، وبحكم ما أقرأه من جهات أخرى، قلت قراءاتي للكتب، فعندما كنت في حائل والمدينة كان زملائي لا يشاهدونني في اجتماعنا اليومي بعد المغرب إلا وأنا أحمل كتابا، أما الآن فقل ذلك كثيراً".


العلاقة مع المواطنين

ويولي ولي العهد المواطنين اهتماما خاصا، وعن ذلك يقول "العلاقة مع المواطنين تعني لي الكثير، فأولاً نحن مجتمع واحد، وثانياً عندما تكون في أي مكان ولديك مسؤوليات معيّنة ويأتي خادم الحرمين الشريفين، ويقول يا أصحاب المعالي الوزراء، أنتم خدم وأنتم مستأجرون لخدمة هذا المواطن، فإذا لم نكن نعرف هموم المواطن فكيف سنخدمه، فنحن لا نؤمن بالوقوف في برج عاجي ونقول إن كل شيء على ما يرام، ولكن عندما يأتي المواطن ويتحدث عن همومه الفعلية نستطيع خدمته".

وأضاف "أستغل هذه الفرصة لمطالبة زملائي الوزراء بالخروج في الإعلام ومخاطبة الناس، لأن هناك مغالطات كثيرة، وهناك أشياء كثيرة تحدث في البلد، ولكن معظم المواطنين وحتى جزء من المسؤولين لا يعرفون الأرقام الحقيقية للمنجزات.


جولات سرية

ويحرص الأمير مقرن أن يتلمس حاجات الناس بنفسه، وعدم الاكتفاء بالتقارير، لذلك فإنه يقوم بجولات سرية لهذا الغرض، وعن ذلك يقول "نعم لا أخلو من ذلك، فالدين النصيحة، فقد أشاهد أشياء لم يشاهدها أي من المسؤولين، ونتبادل الآراء حيال ذلك".

الجدول اليومي

من عادات ولي العهد الاستيقاظ المبكر، يقول "أنا من الناس الذين يقومون مبكراً، وأعمالي اليومية كانت تتوقف عند المنصب الذي كنا نشغله، فإمارات المناطق لها برنامج، وكذلك الاستخبارات، وفي نهاية الأسبوع كان لديّ مزرعة لها أيضا برنامج".


أجواء عائلية

ويميل الأمير مقرن بن عبدالعزيز رغم مشاغله الرسمية إلى الأجواء العائلية والأسرية، فهو يخصص وقتا كافيا لأسرته، ويجد المتعة والارتياح في تلك الأجواء، حيث لم تمنعه انشغالاته المختلفة من تخصيص وقت كافٍ لعائلته، وزوجته الأميرة عبطاء بنت حمود بن فهد الرشيد، يقول "تعوّدت على ضرورة قضاء جـزء من وقتي مع عائلتي وأبنائي، لأنني صدقاً أستمتع بهذه الأجواء التي أشعر خلالها بارتياح نفسـي كبيـر ولله الحمـد".


حلم للوطن

ويحلم الأمير مقرن بأن يرى المملكة، وهـي تُحافظ دوماً على مكانتها في مقدمة الدول من النواحي الاقتصادية والاستقرار والتطـور المستمر، وهو يؤكد دائما على دور المواطن في تحقيق هذا الحلم، يقول "المواطن بلا شك محل اهتمام القيادة، وأنا وجميع الوزراء، فلولا المواطن ليس للوزارات مكان".