فيما كنت أحتسي قهوتي الصباحية، كالمعتاد، محاولة قدر المستطاع التملص من أخبار الحزن والموت اليومي التي اعتدنا التصبح والتمسي بها، نحن السوريين، المبليين بداء الديكتاتورية و"داعش" والحرب بالوكالة منذ أربع سنوات، تمكن راديو روزنا السوري المستقل في دخولي دوامة من التعكير، فالخبر الذي نقله يتعلق باحتجاز أسر سورية لاجئة في السعودية العزيزة على قلبي في مركز الشميسي للإيواء.
الخبر كما نقلته الإذاعة عن ناشط سوري في المملكة يوضح أن بعض هذه العائلات انتهت مدة إقامتها وامتنع الكفيل عن تجديدها وأخرى دخلت إلى المملكة من اليمن عن طريق التهريب مما جعل وجودها مخالفا للقوانين.
وكما أعلم كانت السلطات السعودية قد منحت تسهيلات للذين انتهت مدة جوازات سفرهم، وجددت إقاماتهم، وهو ما لا ينطبق على من دخل المملكة بتأشيرة زيارة دون أن يقوم بتمديدها بعد انقضاء مدتها البالغة ثلاثة أشهر، و"عدم تجديد التأشيرات هو السبب في وضع هؤلاء النساء ضمن أماكن الاحتجاز" كما أفاد الخبر.
وبما أنني كنت وما زلت أراهن على عروبة وكرم ومواقف المملكة المساندة للسوريين ملكا وشعبا، أقلقني الخبر بل وأزعجني، وأسمح لنفسي هنا ومن موقع الأخوة اليعربية أن أناشد الجهات العليا والمختصة والأشقاء العرب السعوديين أن يساعدوا هذه العائلات النازحة التي، وللأسف الشديد، عن جهل أو إهمال أو ضرورة خالفت القوانين المرعية ودخلت تهريبا ولم تجدد إقامتها.
أعلم أن القوانين مقدسة ولا يجب مخالفتها أو تجاوزها، ولست هنا في معرض التضرع لإخوتي السوريين الموجودين على أرض المملكة لتبرير أخطائهم أو تشجيعهم على تكرارها تحت ذريعة اللجوء والحاجة الإنسانية، فالمطلوب منهم بل والمتوجب عليهم أن يحترموا حسن الضيافة وأن يلتزموا بقوانينكم دون أي تهاون، وأن يحترموا خصوصيات مجتمعكم وعاداتكم وضوابطكم، فقط، هي ثقتي بإنسانيتكم وعروبتكم مرة أخرى تمنحني شجاعة الكلام وجرأة مناشدتكم قيادة وشعبا بالنظر في أوضاعهم، فنحن شعب، وللأسف، بلا وطن حتى إشعار آخر، وريثما يعود الوطن، ليس لنا إلا أصحاب المروءة والنخوة العربية من أشقائنا الذين ما زالوا يؤمنون بأن حرف الضاد يجمعنا من الشام لبغدان ومن نجد إلى يمن وربما من مصر إلى تطوان.
السوريون الموجودون في المملكة ليس لهم طرف يمثلهم ولا سفارة ترعى مصالحهم. كما لا توجد هيئة ممثلة للاجئين من قبل مفوضية الأمم المتحدة في المملكة كما أعلم، ويبدو أن الائتلاف السوري المعارض مقصر في هذا الشأن، ما يجعلني أمنح نفسي الأمل في مراعاتكم لأوضاعهم.
وريثما يتوصل الائتلاف إلى صيغة تتابع شؤونهم كما نتمنى، أو ريثما يتوقف القتل المجاني في بلدكم الثاني سورية أضع قلبي في سلة من ورد أقدمها إليكم مع رسالة حب أعطرها بأملي الكبير بمساندتكم لشعب يذبح ليلجأ من نجا منه إلى حمى الكرام.
وإلى السوريين أقول: كونوا على قدر المسؤولية ولا تتهاونوا بالقوانين، فالكرم لا يرد إلا بالكرم واليد التي تمد إلينا في هذه الظروف المأساوية هي يد لا يمكن أن ترش إلا بالورد.