ندفع دائما ثمن قاعدة "كلما زاد الطلب وقل العرض ارتفعت الأسعار" التي أصبحت وسيلة التجار الجشعين لرفع أسعار السلع الاستهلاكية، والتلاعب بها بطريقة منظمة، وما يرتفع من الأسعار بناءً على أحداث مفتعلة بطريقة طردية لا يمكن أن يعود لسعره الحقيقي مرة أخرى بل يتحول الارتفاع بعد تسجيل السلعة لأعلى سعر من علاقة طردية إلى عكسية، فبعدما أدى وقوع الحدث لزيادة السعر، يؤدي زواله لزيادة السعر أيضا.

لا ننكر وجود نظرية تكتل من قبل بعض التجار الجشعين، والعمالة التي تسيطر على سوق السلع وتتحكم في الأسعار بدليل ارتفاع أسعار السلع يتم بطريقة منظمة. فمثلا عندما ترتفع أسعار سلعة ما ويضج الناس عدة أيام، ثم يسلمون بالأمر، يأتي تاجر آخر ويرفع سعر أخرى لينسى الناس ويسلموا بالأمر، ومن هنا تنشأ مشكلة اُلفة المستهلك بارتفاع الأسعار وتعايشه السريع معها، وهذا يشجع التجار على الجشع والتلاعب وبالتالي نجد أننا نتداول فئات الأوراق النقدية الدنيا كما نتداول العملات المعدنية الحالية التي نستثقل حملها ونأخذ العلك بدلا عنها.

ليس هناك حل لمواجهة الغلاء الناتج عن الجشع والتلاعب في الأسعار سوى استثمار الجزء الآخر من القاعدة التي أشرت إليها في بداية المقال، فكلما قل الطلب انخفضت الأسعار، من هنا يكون الحل "بيدي لا بيد عمرو" من خلال البحث عن بدائل للسلع التي تسجل ارتفاعا غير مبرر.

ما الذي يمنع وزارة التجارة مثلا أن تدعم هذا المبدأ لمحاربة الغلاء كما تحارب الغش؟ وتبادر بتوجيه دعوة علنية للمستهلكين بالبحث عن بديل للسلعة التي يسجل تجارها تلاعبا بالأسعار، فمن المؤكد أن هذه الخطوة ستكون أقوى سلاح لإرغام التجار المخالفين على خفض الأسعار فورا!

من عهدة الراوي:

قبل سنوات جن جنون إحدى الشركات عندما اُطلقت حملة مطالبة بخفض الأسعار تدعو إلى الحد من شراء السيارات الجديدة، فلو وقفنا صفا في وجه التلاعب بأسعار البيض بالحد من الشراء ولو لعدة أيام لأصبح أرخص من سعره السابق إذا ما خشي تجاره من أن يفسد في مخازنه.