سنوات مضت ونحن نتحدث عن قضية الحماية من الإيذاء والعنف الأسري التي لم توضع في إطار قانوني حازم ولم تحدد عقوباتها حتى الآن، فلا تزال المرأة السعودية عرضة لجميع أشكال العنف دون أن تجد قانونا يكفل حقها أو ملجأ حماية آمنا في حال عدم مساعدة الأهل لبناتهم اللاتي يؤذونهن أزواجهن، أو اللاتي يتعرضن للعنف داخل محيط الأسرة.

تبعا لذلك تأتي مشكلة الحرمان العاطفي التي قد تؤدي إلى مشكلات أخرى، وقد أثبتت دراسة عمل عليها قبل أعوام "أن مشكلة الحرمان العاطفي ترتبط بشكل مباشر مع ثقافة الوالدين والأشقاء والأزواج، وتؤثر بقوة في ميل المرأة في المجتمع السعودي نحو ممارسة أفعال جنائية ومحرمة". وهذا يعني أن ما تفعله المرأة بشكل عكسي يعبر عن رد فعل لفعل سيئ، في حين لم توجد طرق علاجية توجد السبب وتعمل على علاجه من باب أولى، فيما أن المشكلة لا تتوقف أبعادها عند حد معين، فإذا فقدت المرأة دورها كمربية وأم عطوفة فإن هذا يتسبب في فساد الأجيال وسوء تربيتهم.

ضياع قضايا المرأة بين وزارة الشؤون الاجتماعية، ونقاشات مجلس الشورى، وبطء الشرطة، يفضي إلى عدم تقدمها بالشكوى عندما تتعرض للعنف والإيذاء، ويعكس أيضا مدى التراخي في إيجاد حل جذري لهذه القضية.. فهل يعقل أن تشتكي امرأة زوجها وتطلب الطلاق منه بسبب ضربه لها، فيطالبها القاضي بإرجاع المهر إليه؟ وهل يعقل أن تذهب المرأة إلى مركز الشرطة وهي معنفة ثم يطالبونها بإحضار المحرم؟ وإذا أوكل الأمر إلى دور الحماية فهي لا تستجيب فضلا عن كونها بيئات غير صحية، وعاجزة عن التأهيل النفسي أو الاجتماعي.

إن كان من المفترض ألا يكون الرجل مسؤولا عن تصرفاته مع المرأة في مجتمع لا تحكمه القوانين، فإن هذا نمط واضح يعكس مستوى العدالة الاجتماعية، وهذا شكل من أشكال الجرائم العلنية التي لا يوضع لها رادع، والمفترض أن يعامل من يتورط في قضايا العنف والإيذاء كمجرم، وتطبق عليه العقوبات، إضافة إلى ذلك فإن إقرار القانون يمنح المرأة أحقية اتخاذ القرار في معالجة المواقف التي تتعرض لها وتحاول المساس بها وانتهاكها، وهذا ما يمنح المرأة امتياز الممارسة لحق من الحقوق المدنية، والتعبير عن كيانها كفرد مكلف ومسؤول.