في الوقت الذي تترقب مجالس الأندية الأدبية إيداع الدعم المادي البالغة قيمته 10 ملايين ريال الذي أقره خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، في حساباتها لا يزال الوسط الثقافي يتساءل عن مصير الـ10 ملايين السابقة التي أقرها الملك الراحل عبدالله بن عبدالعزيز –رحمه- الله قبل أربع سنوات التي ضخت في حسابات الأندية.

وفيما أشار عدد من رؤساء الأندية إلى أن الدعم الأول ذهب كله في مشاريع بناء مقر للنادي، منهم من ينتظر الدعم الجديد ويحتاج ضعف الدعم ليكمل المشروع، تظل بعض الأندية في دائرة العرض والطلب بين أمانات البلديات والمقاولين وتحديد الأرض المناسبة لإنشاء المقر، بينما تقول أندية أخرى إن كامل الدعم الأول باق كما هو.

في الوقت الذي يرى مراقبون أن الأندية تعيش طفرة مادية كبيرة، ويقولون إن غالبيتهم يغالط الواقع، حين يردد أن المادة تنقصهم لإكمال المقرات.

وينتقد عدد من المثقفين والمثقفات رؤساء الأندية الذين اقتصر الفعل الثقافي لديهم في بناء مقرات وقاعات كبيرة، بينما لا يحضر الفعاليات إلا عدد محدود جدا، وتتدخل الشخصنة ويصبح الفعل الثقافي مقتصرا على المقربين بالنسب أو بالتبعية أو نحو ذلك.

وفريق آخر من المثقفين يرى أن الدعم المادي الأول صرفته بعض الأندية بشكل غير واضح أمام أعضاء الجمعية العمومية، وبالتالي أمام مثقفيها في كل منطقة، رغم المطالبات من الساحة الثقافية بوجود لجان خاصة بالصرف تحددها وزارة الثقافة والإعلام ولجان أخرى متخصصة لمحاسبة رؤساء الأندية عن كيف وفيما وأين صرفت مبالغ الدعم المادي والدعم السنوي ومبالغ التبرعات.


"الوطن" تسائل الرؤساء

"الوطن" ساءلت رؤساء الأندية عن آلية صرف الدعم المادي الأول وكيف سيكون توجههم حول آلية صرف الدعم المادي وكانت النتيجة:

- رئيس نادي مكة المكرمة الدكتور حامد الربيعي: "الدعم المادي الأول تم حجزه كاملا لمشروع مبنى للنادي والمشروع تم بعد استكمال المخططات، لكنه لم يستكمل حتى الآن، وقررت الجمعية العمومية حجز المبلغ كاملا لاستكمال المشروع، إذ لم يكن للنادي مقر صالح للنشاطات والفعاليات الصغرى والكبرى وتحقق ذلك بهذا الدعم السخي.

- رئيس نادي نجران سعيد مرضمة: "الدعم المادي الأول ذهب لمقر النادي والدعم الثاني سوف يقسم لثلاثة أقسام، الأول مشروع استثماري يعود ريعه للنادي، والثلث الثاني سيكون لمهرجان قس بن ساعدة وتأثيث مبنى النادي والمطبوعات، وإبقاء جزء من المبلغ للمجلس المقبل.

- رئيس نادي الحدود الشمالية ماجد المطلق: "الدعم الأول صرف على إنشاء مبنى جميل، والدعم الثاني سيتم استثمار جزء منه بحسب لائحة الأندية الأدبية لضمان دخل ثابت للنادي، كما سيستخدم جزء منه للنشاطات، وتفعيل "مقهى الشباب الثقافي والصالون الأدبي" واللجان الثقافية.


في طور البحث

- رئيس نادي الطائف عطا الله الجعيد: "الدعم الأول لم نصرف منه سوى مليون وما زال النادي في طور البحث عن المقر المناسب، إذ كانت هناك مخاطبة في الإدارة السابقة لأمانة الطائف لإيجاد أرض للنادي وتواصلت الإدارة الجديدة مع أمانة الطائف بحثا عن أرض لبناء مقر، ولكن لا نعلم ما هي ظروف الأمانة، وفي حال عدم وجود تجاوب من الأمانة فسوف يكون بناء المقر في المكان الحالي نفسه. أما الدعم الثاني فناقشنا استثمار جزء منه بما يعود على النادي بدخل مستمر.

- رئيس نادي أبها الدكتور أحمد آل مريع: "الدعم الأول موجود ولم يذهب منه سوى مليون ريال فقط لبناء قاعة كبيرة، وهو موجود لبناء مقر كبير، وما حال دون ذلك هو عدم إنهاء بعض الأوراق الضرورية كالصك والملكية لموقع النادي، وهذا ما عطل الاستفادة من المبلغ الذي استفدنا منه في تمويل وافتتاح عدد من اللجان وصلت إلى خمس وعلى القائمة لجنتان في المحافظات، والدعم الثاني سوف يضم للأول لاستكمال مبنى النادي حتى يغطي كلفة إنشاء المبنى والمتبقي منه سيرصد لاستثمارات يعود ريعها على النادي.

- المدير المالي لنادي حائل عبدالرحمن اللحيدان قال: "المليون ريال الذي تصرفه وزارة الثقافة كإعانة سنوية لا يفي بحاجات الأندية، وبالتالي الدعم الأول استثمر في الأنشطة، والتوسع في لجان المحافظات، والدعم الجديد سوف نطرح جزءا من هذا المبلغ للبحث عن رافد وعقار يساعد النادي على تخطي العقبات، والنادي تلقى دعما من متبرع يقدر بـ24 مليونا للمبنى، ونحن في اللمسات الأخيرة له.


نحتاج المزيد

- رئيس نادي الشرقية خليل الفزيع: "النادي صرف الدعم الأول في إنشاء المبنى، وسوف نصرف الثاني في استكماله".

- رئيس نادي الجوف ثامر المحيسن: "الدعم الأول صرف جزء منه على النشاطات وأجور المباني المستأجرة، وعلى اللجان الثقافية الخمس بالمحافظات، وتبقى من المبلغ ما يقارب 4 ملايين ريال، والدعم الثاني أقر مجلس الإدارة تخصيصه لإنشاء مبنى للنادي على أرض النادي شمال مدينة سكاكا.

- رئيس نادي الباحة حسن الزهراني: "جاء الدعم في حين كنا نخطط لإنشاء مبنى بعد أن خصصت أمانة المنطقة أرضا للنادي بمساحة 11 ألفا، فشرعنا في البناء الذي كلفت أساسياته قرابة 7 ملايين، واستلمناه من المقاول قبل شهر، ووقعنا في حيرة الإكمال، فالمبنى ضخم والقاعة لوحدها عرضنا تشطيبها وتجهيزها على إحدى الشركات ففوجئنا بأنها ستكلف قرابة 14 مليونا، ويتبقى لدينا مبنيان أحدهما الذي يحوي المكاتب الإدارية، قاعة الاجتماعات ومكتبة النادي، والثاني مبنى خاص بالمرأة والطفل، ويشمل مكاتب إدارية ومكتبة ومسرحا للطفل، لذلك نحن نحتاج إلى إنهاء المبنى إضافة إلى دعم الملك سلمان بن عبدالعزيز، مثلها لننجز حلمنا الذي طال انتظار تحقيقه، ووعدنا بعض رجال الأعمال خيرا وما زلنا ننتظر".


تحول نوعي

- رئيس نادي جازان حسن الصلهبي: "أصبحت المسؤولية الملقاة على الأندية الأدبية ومجالس إداراتها عظيمة جدا، وليس أمامها إلا أن تحقق عملا ثقافيا جديدا ومختلفا يعزز روح الانتماء للوطن ويذكي روح التنافس بين الشباب لاحتواء قدراتهم ومواهبهم من خلال البرامج والأنشطة الثقافية، والنادي في خزينته رصيد كبير يتجاوز "الـ19 مليونا" من الداعمين، وعليه فإن المرحلة المقبلة ستشهد تحولا نوعيا في طبيعة العمل الثقافي وفي مستوى الإصدارات، ولكن تحقيق مثل هذه الأهداف يحتاج إلى تضافر الجهود بين مجلس الإدارة والجمعية العمومية ومثقفي ومثقفات جازان للخروج برؤية جديدة للعمل الثقافي.

- رئيس نادي تبوك الدكتور نايف الجهني: "الدعم الأول نفذنا به عددا من الأنشطة منها الملتقى السنوي، ووضعت الجمعية العمومية ومجلس الإدارة خطة، أنجز جزء كبير منها ولا يزال العمل متواصلا، منها تطوير المسرح الرئيس، وتحويل القاعة النسائية إلى مسرح متكامل، وإعادة تجهيز مرفقات النادي وتطوير المكتبة، وكانت المشاريع الأهم افتتاح لجان ثقافية في المحافظات، ضباء والوجه وأملج، واعتماد جائزة تبوك الثقافية والملتقى الجديد لهذا العام. وعن الدعم الثاني هناك خطة تتضمن إضافة مرافق إنشائية للمبنى الحالي وتطويره، وإنشاء حديقة المثقفين وتوسعة المكتبة، وافتتاح لجان جديدة في المحافظات المتبقية، حقل والبدع وتيماء، بالإضافة إلى تكثيف النشاط المنبري ومشروع لدعم الأبحاث الثقافية وتطوير الجائزة، وتنفيذ مكتبات مصغرة في المحافظات.


ذهبت للمقاول

- رئيس نادي القصيم الدكتور حمد السويلم: "النادي أنهى مشروعا جيدا لممارسة الفعل الثقافي بكل تنوعاته، وهذا المشروع كلف 30 مليونا وصرفت الـ10 ملايين الأولى للمقاول، وننتظر الـ10 ملايين الجديدة حتى نصرفها للمقاول، ويتبقى له 6 ملايين ولا نعرف كيف نسددها، والمشروع طموح والمقر تتوافر فيه كل مقومات العمل الثقافي، لذلك كلف مبلغا كبيرا وسنحاول أن نوفر 6 ملايين للمقاول".

- رئيس نادي الرياض الدكتور عبدالله الحيدري: "الدعم الأول أقر مجلس الإدارة وقت ذاك عدم الصرف منه للاستفادة منه في مشروع المبنى المنتظر، وجاء المجلس المنتخب أواخر عام 1432 وأقر هذا التوجه، وأما الدعم الثاني فالتوجه أيضا بعدم الصرف منه وادخاره للمبنى، إذ واجهتنا عوائق ولم نستطع حتى الآن تملك مبنى خاص، لا يمنع الاستفادة الجزئية من الدعم لبعض النشاطات النوعية بعد موافقة المجلس، وعموما لا يمكن الدخول في التفاصيل إلا لأعضاء الجمعية العمومية، أو للمحاسب القانوني المعتمد للنادي.

- رئيس نادي جدة الدكتور عبدالله السلمي: "الدعم الأول مر عليه أكثر من أربع سنوات، وغالبية الأندية وظفته في بناء مقرات، والأندية التي تملك مقرات وظفته في استكمال مبانيها، وعلى مستوى نادي جدة فقد أتم النادي كثيرا من نواقص البناء وصيانة المبنى، وافتتاح عدد من اللجان في المحافظات، القنفذة وخليص والليث، وكذلك الصرف على مشاريع في الترجمة، وبرنامج طاقات لرعاية المواهب الشابة وبرنامج الإثراء القرائي ومشروع لدراسات في أدب المملكة، وهو يستقبل كل البحوث والدراسات التي قدمت في المملكة لنشرها، وعن الدعم الثاني فالجمعية العمومية شكلت لجنة برئاسة عبدالفتاح أبو مدين لوضع بنود ومصارف هذا العطاء وعرضه على مجلس الإدارة للنادي.


شراء عمارة

- رئيس نادي أدبي المدينة المنورة الدكتور عبدالله عسيلان قال: "الدعم الأول للنادي اتخذ مجلس النادي قرارا بشراء عمارة استثمارية في "جدة "مؤجرة على مستثمر بـ400 ألف ريال سنويا، مشيرا إلى أن العمارة تم شراؤها بـ5 ملايين والباقي من المبلغ يصرف منها النادي على أنشطته وعلى طباعة الكتب وعلى إقامة الملتقيات السنوية، أما الدعم المادي الثاني فسوف يجتمع المجلس ويقرر فيما يتعلق بأوجه صرفه.

- رئيس نادي أدبي الأحساء الدكتور ظافر الشهري قال "الدعم الأول تم حجزه للمبنى، ولم نصرف منه ريالا واحدا، ولدينا دعم من متبرع مقداره 8 ملايين و480 ألف ريال، ومبنى النادي كلف الكثير، والقاعة لوحدها تمت تغطيتها بـ3 ملايين و450 ألف ريال وليس لها علاقة في 8 ملايين، وتم تجهيزها بالعوامل والصوتيات والكهرباء والمونتاج وشاشات العرض ونحو ذلك، والكراسي كلفت مليونا و400 ألف والكرسي الواحد بـ2000 وليس لدينا مشكلة في المبالغ المالية ونتوقع أن يكلف النادي مع تأثيثه 13 مليونا، وصرفنا على مهرجان "جوافة" مليونا، وأنجزنا برامج وفعاليات نوعية، ونتوقع أن يبقى 5 ملايين أو 4 ملايين من الدعم القديم، ومن يتذرع بأن الأندية الأدبية ليس لديها دعم فهذا كلام غير صحيح، ولكن المهم كيفية صرفه، وقال إنه يعتقد أن المجلس الحالي لن يصرف من الدعم المادي الثاني شيئا مطلقا وسيرحل للمجلس المقبل يتصرفون فيه.


زارع: الملايين صرفت الأندية عن مهماتها الأساسية

مسؤول العلاقات العامة السابق بنادي جدة الأدبي نبيل زارع قال لـ"الوطن"، إن المبالغ أشغلت مجالس إدارات الأندية عن مهماتها، ووجه حديثه إلى رؤسائها قائلا: "لا تقحموا أنفسكم في موضوع المباني فهو ليس من أعمالكم، فأنتم رجال ثقافة ولستم مهندسين معماريين، فدعم الملك كان من أجل التحرك ثقافيا وليس بناء المقرات"، وأضاف أن وزارة الثقافة والإعلام هي المعنية ببناء المقرات بشكل موحد بحسب طراز كل منطقة.

وأشار زارع إلى أن كثيرا من الأندية شرعت في التوسع في البناء بإنشاء قاعة للرجال ومثلها للنساء وقاعة اجتماعات كبرى وأخرى صغرى، مبينا أن هذا يعد مستقبلا هدرا للمال العام، وعبئا على الإدارات المتعاقبة، لأن تكاليف وصيانة المبنى ليست أمرا هينا، والدعم السنوي للأندية ينبغي ألا يهدر على فواتير كهرباء وصيانة مكائن تصوير، إذ ينبغي بناء مقر حسب الاحتياج فقط، العمل على النشاطات والإصدارات بعناية فائقة، والنادي ليس جمعية خيرية، بل مؤسسة مدنية، ولا بد أن يكون الدعم المادي بحوزة وزارة الثقافة والإعلام، لتصرفه على دفعات كل ثلاثة أشهر، ومتابعة كيفية الاستفادة منه.