تعبير "الفيل في الغرفة Elephant in the room" هو تعبير إنجليزي يعني وجود مشكلة واضحة تماما أمام الجميع، ويتم تجاهلها وعدم معالجتها، كأن ترى أمامك فيلا كبيرا في غرفتك، وتصمم على تجاهله تماما كأنه لا وجود له، وهذا هو حال عسكرة العقل وتعزيز قيم الكراهية في مجتمعاتنا.
عالمنا يعج بالأفيال البدينة التي تمرح في كل الغرف ومع ذلك نُصرّ على تجاهلها كأنها غير موجودة إطلاقا.
الكراهية ليست فقط تاريخ حدث وانتهى، بل هي شكل من أشكال الحياة اليومية والطباع والمواقف. الجميع يتجاهل هذا الوحش الأسود الكبير الذي يتسلل إلى حياة الجميع في كل مكان وزمان، لا يرون الكراهية وهي تلوث الروح، والفكر من بينهم ومن خلفهم، هي اليوم سياق حياة بل وتمرر يوميا إلى المجتمعات بكل طريقة.
ابنك الذي يشاهد أفلامه وألعابه المفضلة تمرر له الكراهية والدموية، ما تقرأه من دراسات وكتب ومنشورات تمرر لك الكراهية بشكل أو بآخر.
في كل القرون ظلت الكراهية تسير جنبا إلى جنب في حياة الناس، لكنهم لا يرونها بوضوح إلا حينما يكتبها التاريخ. القرون المظلمة كمثال كانت أشر قرون مرت على البشرية، من محاكم التفتيش وإحراق الناس أحياء، كل هذه الأنظمة الظالمة على أي أساس كانت تستند؟ كانت كل منها تستند على أساس من كراهية الآخر.
تماما مثل الشعوب المعاصرة اليوم، فنجد النظام الفرنسي يعلم شعبه أن الإنجليز والألمان هم العدو فاحذروهم، النظام الألماني يعلم شعبه أن الإنجليز والفرنسيين هم العدو فاحذروهم، النظام البريطاني يعلم شعبه أن الفرنسيين والألمان هم العدو فاحذروهم. المسلم يعلم شعبه أن الآخر هم العدو فاحذروهم.
على إثر ذلك كانت الكراهية هي المحرك للشعوب، وأصبح الإنسان مفعما بالكراهية ضد أبناء الأمم المجاورة، كما هم مفعمون بالكراهية منه كذلك وأصبح مغيبا تماما.
فكرة ربط الحياة بالكراهية للآخر على أساس ديني يمكن أن تؤدي إلى هياج مليار وربع مليار مسلم، كل منهم يمكن أن يحمل أداة قتل ويضرب بها الأمم المجاورة، أو حتى في الأمة التي ينتمى إليها أو في إخوته ومواطنيه.
إنه لا يهتم بمن يقتل هو فقط يقوم اضطراريا بشكل مسلوب الإرادة بإخراج الكراهية التي تعلمها إلى أرض الواقع.
كل التاريخ البشري دماء وقتل بسبب قيم الكراهية وعسكرة العقول، فأي تاريخ للكراهية هذا؟ وهل هو تاريخ يليق بالبشرية أو بمجموعة شياطين متوحشة تدعي أن لها علاقة بالسماء؟.