كما توقعت في المقال المنشور قبيل انطلاق معرض الرياض الدولي للكتاب 2015 والذي كان تحت عنوان" الفعاليات المصاحبة ..هل هي ضرورة؟"،كان فراغ المقاعد المخصصة لحضور فعاليات البرنامج الثقافي المصاحب للمعرض،أبرز السلبيات التي تحدثت عنها الصحافة الثقافية السعودية خلال الأيام القليلة المنصرمة،حيث وصل الأمر إلى انسحاب بعض المتحدثين الرئيسيين،بحجة أنهم لا يريدون الحديث لمقاعد فارغة. المشكلة أنه حتى الفعاليات الأخرى التي حظيت بحضور جيد،تحولت إلى ساحات صراع فكري وصل إلى إثارة الفوضى كما حدث في ندوة" الشباب والفنون.. دعوة للتعايش".
ومع يقني أن القائمين على المعرض وكل المهتمين بالثقافة والأدب، يعرفون أسباب العزوف ويستطيعون حلها ولو جزئيا،إلا أن العُرف والتقليد الذي يسري في طريقة اعتماد الكثير من الأنشطة الثقافية المحلية،مازال ساريا، حتى في أكبر وأهم حدث ثقافي تشهده المملكة سنويا، وهو معرض الرياض الدولي للكتاب.!!.
ولأي سائل يسأل عن هذا العُرف.. أقول إنه، فعل أقرب إلى ملء الفراغ وتعبئة الجدول فقط، دون النظر بعين فاحصة إلى هدف حقيقي يثري الجانب الثقافي والفكري بشكل صحيح، ويُحدث تحولا واضحا في المفاهيم بما يتناسب مع لغة العصر. هذا لا يعني أن الأفكار الجديدة والخلاقة ليست موجودة ،ولم تطرح من قبل النخب التي أخذ رأيها من خلال اللجان الاستشارية، وحتى تلك النخب التي لم تستشر، بعضها سبق أن طرح الكثير من الأفكار التي لم يلتفت لها.
لكن مشكلتنا دائما في جميع المؤسسات الثقافية،أن صاحب القرار النهائي في اعتماد النشاط من عدمه،قد يكون له حسابات أو أجندات أخرى، لا تتقاطع أو تتوازى مع الهدف الأسمى،وهو إيجاد حراك فكري وثقافي جاد، بل قد تكون أهدافه متضادة كليا مع أي طرح فكري جاد. ولذلك توضع الكثير من المقترحات والأفكار في سلة المهملات فورا، واستبدالها بفعاليات ليس لها طعم ولا لون ولا هدف حقيقي.
ولكي لا يساء الفهم..فأنا لا اتحدث عن فعاليات معرض الرياض الدولي للكتاب، بل أقصد مجمل الفعاليات الثقافية التي تقدم إلا ما ندر، ولكن لا يمكن استبعاد فعاليات المعرض عن هذا الطرح،فهي جزء من النشاط الثقافي الذي يجب أن يخضع لتقييم شفاف وموضوعي. والأهم هو أن يوضع في يد مثقفين حقيقيين ،دون تدخل أي جهة لا علاقة لها بالأمر. عندها سنرى فعلا ثقافيا ذا هدف جاد.