منذ أحداث سبتمبر حيث بروز "القاعدة"، وحتى وقوع الطفرة الإرهابية الأخيرة بعد الربيع العربي؛ لم نر عملا فنيا محليا يتناول عصاب التطرف وهوس التكفير وعشق استباحة الدماء وخرافة الخلافة المنتظرة.

لم نر -مثلا- مسلسلا يسرد الوقائع والأسباب وسير الحياة اليومية التي جعلت عشرينيا -فجأة- أميرا لسرية جهادية في كتيبة طلحة.. أو شرحبيل.. تحت لواء ابن لادن سابقا، أو الظواهري والبغدادي لاحقا!

لم نر عملا فنيا محليا يوضح تأثير خطيب الجمعة أو معلم المدرسة أو أكاديمي الجامعة في عقل شاب مراهق يمتلئ حماسة وإخلاصا! وكيف، وكم استمرت عمليات التعبئة والشحن قبيل الانطلاق في رحلة الموت!

لم نر عملا فنيا يتناول تفاصيل البيئة الاجتماعية وتأثيرها في تشكيل وعي واحد من آلاف الشباب الذين انحرفوا عن صراط الحياة فجأة، ليلتحق بـ"داعش" أو "النصرة" أو "القاعدة" ويؤدي دوره المشؤوم في مسلسل العنف القروسطي.. بعضهم انتقل من "ساحة التفحيط" إلى "المنبر" في غفلة من الزمن!

المسلسل السعودي (ملفات جنائية) يستعرض بعض جرائم "داعش"، لإيضاح خطر التنظيم، ويتطرق إلى فئة "الدرباوية" وعرض سلوكياتها. صحيح أن هناك روابط ثقافية وثيقة بين "الدرباوي" و"الداعشي" من حيث أنساق الفوضى واللامبالاة، وكراهية التمدن، والعداء للتحضر والأنظمة والقوانين؛ إلا أن هناك أسبابا كثيرة -ثقافية وفكرية- لشيوع التطرف الأصولي، لا بد من الوقوف عليها في أعمال فنية أخرى، لتتضح صورة "الدواعش" جيدا.