استدعت إقامة معرض "الفهد.. روح القيادة" الذي سيفتتح في 31 مارس الحالي في الرياض، التذكير بالدور الذي لعبه الملك فهد بن عبدالعزيز رحمه الله، في المواءمة بين الثقافة والتعليم، باعتبارهما عنصرين متداخلين متكاملين.
وكان الملك فهد حرص على تكريس هذه المواءمة، وواءم بين الثقافة والتعليم، فأخذ يضم خيرة رجال الفكر والأدب والشعر، ولم يترك منحى من مناحي التقدم التعليمي والثقافي إلا سلكه، واستقدم الخبرات العربية لإعادة النظر في المناهج والكتب والخطة التعليمية.
ومع رحيله، وصل عدد الجامعات الحكومية السعودية إلى 15 جامعة، وقفت شاهدة على الدور المتميز الذي قدمه للنهوض بالتعليم والمعرفة بين أبناء الوطن، في إنجاز كان ثمرة أعوام طويلة من الجد والاجتهاد في بناء مؤسسات تعليمية متقدمة بذر بذرتها عندما تأسست وزارة المعارف وكان أول من تولى مسؤولية قيادتها، فاهتم اهتماما كبيرا بالتعليم بشقيه (العام والعالي) باعتباره ركيزة مهمة تعتمد عليها الدولة في تحقيق التقدم ومواكبة التطورات العلمية والتقنية في العالم.
كان أول ما فعلته وزارة المعارف الناشئة على يد الملك فهد أنها قسمت رقعة المملكة المترامية الأطراف إلى 21 منطقة تعليمية، وقسمت التعليم إلى فروع: عام، وفني، وجامعي، كما أولى إعداد المعلم وتدريبه عناية خاصة، فتطور من معهد المعلمين الابتدائي (الكفاءة المتوسطة) إلى معهد المعلمين الثانوي، ومعهد الدراسات التكميلية، ثم دبلوم الكليات المتوسطة، فكليات للمعلمين تمنح الدرجة الجامعية في تدريس المرحلة الابتدائية، وأصبح الحد الأدنى لتأهيل معلم المرحلة الابتدائية دبلوم الكلية المتوسطة.
وشهدت وزارة المعارف في عهد الملك فهد رحمه الله تطورا كبيرا، فدفع الموظفين إلى التدريب المستمر على رأس العمل، وحرص على تبادل الخبرة بينهم وبين الخبراء العرب، كما ركزّ على رفع الأداء التعليمي برفع مستوى المدرسين، وذلك بإنشاء معاهد المعلمين.
وعمدت المملكة إلى استقدام معلمين من دول عربية، للاستعانة بهم في مواكبة التوسع الذي تحقق في جميع مراحل التعليم، وكذلك في إيجاد عدد من معاهد التعليم الصناعي والزراعي والتجاري.
وزادت وزارة المعارف وقتها من وتيرة العمل لإنشاء المدارس، فكانت تبني مدرسة كل ثلاثة أيام في المدن والقرى والهجر، وكان يقف بنفسه على المدارس ليتأكد من دقة الإنجاز، وكثيراً ما كان يعدل في رسومها لمصلحة الطلبة، كما يرسل مسؤولين للغرض ذاته، وفي ضوء حسن الأداء يعطي مزيداً من الثقة أو يسحبها.
وكان الملك فهد - رحمه الله - يحرص على مال وزارة المعارف، إذ كان يناقش فيما يوقعه من مصروفات، ويلغي أو يعدل ما يراه وفقاً لذلك، ويشارك مشاركة مباشرة في إعداد الموازنة كل عام، ويوجه بدراستها في مجلس الوزراء، ويتابع ذلك يوميا، كما حرص على تفقد المدارس الثانوية والابتدائية دون سابق إنذار ليشاهد أداء المدرسين وطرق التدريس، ويبدي ملاحظاته.
وبرزت حنكته رحمه الله في ابتعاث الطلبة السعوديين إلى الدول المتقدمة لنهل العلوم المتقدمة والعودة لخدمة أبناء الوطن.
وكان طلاب سعوديون موفدون من وزارة المعارف للدراسة الجامعية في بلد عربي اشتكوا من مضايقات، فاجتمع الملك فهد بمسؤولي وزارته، وقال "علينا أن نطلب العلم من المنابع ذاتها التي حصل عليها الآخرون، وإن كان هناك ضرورة لتعديل منهج ما أو سد ثغرات فلتستكمل"، وأمر بأن توجه البعثات لبلاد أوروبا وأميركا، فكان ذلك في صالح المملكة وطلابها، إذ تعددت ألوان المعرفة.
كما واصل الراحل جهوده لتوفير أفضل الوسائل التعليمية لجيل الشباب، وشغل تفكيره أهمية إنشاء جامعة سعودية، فكلف لجنة من خبراء الوزارة وخبراء عرب، وتمت دراسة الفكرة وما لبثت أن تحققت بإنشاء جامعة الملك سعود بالرياض (1377) التي بدأت بكليتي الآداب والعلوم.