حفل أدبنا العربي قديمه وحديثه بأقوال وأشعار طالما كانت وقودا يشحذ همم الفرسان في الحروب والغارات. لقد كانت الكلمة بمثابة السهم أو الرصاصة في يومنا هذا، ولكم بيت من الشعر تناقلته الركبان شدّ من أزر القوم وأوهن همم الأعداء، ونحن في مثل هذا الظرف التاريخي الذي تمر به منطقتنا، خاصة في ردع الهمجية الحوثية أحوج ما نكون إلى الكلمة الصادقة الملهمة التي تعضد من أزر جنودنا البواسل على حدود الوطن وجهاته كلها.

إن على المثقف دورا رئيسا ككل منتم إلى هذا الوطن في تقديم ما يمكنه وما يجيده في دعم التوجه السامي والرامي إلى إحقاق الحق، وإعادة الشرعية المستلبة إلى أهلها، وتحجيم الشر المستطير الذي بدا شرره ينتشر ويحرق مقدرات الأوطان، ويذهب بطمأنينة الأشقاء في "يمن" الحكمة خاصة وفي بلدان عربية عديدة بعامة.

على مستوى الخطاب الإعلامي، هنالك مسؤولية كبرى ينوء بها حملة الأقلام الذين بأيديهم توجيه الرأي العام وتبصير الناس بما يجري، وإجلاء الصورة كما ينبغي، ولعل في الإيجاز الإخباري المرافق للعمليات العسكرية على الحوثيين دليلا على أهمية كل كلمة وفق ما تشير إليه أو تنطوي عليه من مضامين، ناهيك عما تسطر به الأعمدة والصفحات من آراء وتحليلات شأنها في مجمله إلقاء الضوء على مسرح العمل، وقراءة ما بين سطور المشهد آخذة في الاعتبار حضور الكلمة وأثرها.

وعند الحديث عن الكلمة، فلا يمكن بحال أن نغفل اللغة ودلالاتها، استعاراتها وكناياتها، ألفاظها ومعانيها، وإن كان توظيف اللغة هنا قد يؤثر على المتلقي بحكم أنه غير منشغل بما تمليه اللغة أو بما يحدث لها من تطور، وأذكر أن جامعة أوروبية قد أجرت بحثا يدرس الخطاب الإعلامي عقب حرب الخليج الثانية رصدت في تفاصيله تعبيرات كررها الإعلام المؤيد للحرب، وأخرى ارتهن إليها الإعلام المضاد، وهذه هي طبيعة الخطاب الإعلامي في المهمات والملمات. يعمل على خلق جوّ عاطفي يشحذ الهمم ويقوي العزائم.

على أننا في هذه المرحلة التاريخية وفي ظل سيطرة "المعلوماتية" بالمفردة والصورة، نقلل من شأن الحالة العاطفية مقابل الرصد المعلوماتي المنطقي القادر على وضع الأمور في نصابها، مثلما نراه اليوم فيما نقلته التقارير وتطورات الأحداث – كلمة وصورة- عن تنامي خطر الجماعات الحوثية على أمن واستقرار المنطقة، وما قابل ذلك من وقفة "حازمة" صادقة مبنية على أسس متينة أهمها الحفاظ على تماسك المكونات الوطنية، ثم العمل على تسوية الأوضاع باحترافية وبُعد نظر ودراية حقة.