افتتح خادم الحرمين مشروع تطوير حي البجيري في الدرعية عاصمة الدولة السعودية الأولى الأسبوع الفائت. كانت اللفتة واضحة والرسالة مباشرة في دفع فكرة السياحة الثقافية نحو مستوى مختلف من التعاطي والاهتمام.
السياحة الثقافية التي هي -حتما- منجم الاستثمارات القادمة، إذا يمكن القول إن السعودية من البلدان السياحية البكر التي تكاد تكون مجهولة لمراكز الجذب في معظم دول العالم، رغم أن المنطقة العربية والشرق الأوسط تحديدا منطقة مثيرة وملهبة للخيال والقصص الدينية والتاريخية.
إضافة إلى الميثولوجيا الهائلة التي تستوطن في بقاع ومناطق لها عمقها في الزمن، فإننا لو استطعنا إقناع شركات متخصصة في الجذب السياحي والترويج الترفيهي مع استثمارات مهمة، أظن أنه في الإمكان تحقيق اختراق حضاري كبير، يقدمنا إلى العالم بصورة معقولة ومنطقية وعادلة أيضا، تغني عن حملات الدعاية وخطط العلاقات العامة، كما أن التفكير في أنماط سياحية ثقافية -بمعنى رحلات أو حياة غابرة معاشة مستلهمة من تاريخ الشخصيات العربية والإسلامية- سيكون شيئا لافتا وفيه رسائل كثيرة حضارية وإنسانية.
إن التركيز على الفعاليات ذات الطابع الاستهلاكي العولمي يفقدنا مميزاتنا وهويتنا، فضلا عن أنه يكشف عجزنا عن مجاراة دول ومجتمعات لها تميزها في الأمر تسويقا واحتفاء وتمويلا.
الثقافة هي جوهر فكرة السياحة. مكتسباتها هي ما تجعلك شخصا مختلفا ومميزا، لا يبحث الناس في الأغلب عما هو حسي، بل عما هو روحي يضيف ويقوي ويشحذ ويشحن في مواجهة الحياة. لذا فإن هذا التوق الهائل لارتياد عوالم مجهولة وغرائبية هو ما يحفز الناس للبحث والمغامرة في بقاع شتى من العالم.
نعم، نملك أشياء كثيرة مميزة وتاريخا حافلا، لكن استثمارها بشكل جيد هو ما ينقصنا والخبرة التي يجب أن نحصل عليها سريعا، وأجزم أنه إذا ما تم هذا الأمر فإننا سنصبح من المناطق الجاذبة سياحيا. نبيع الشمس والصحارى الشاسعة والحكايات والتاريخ، والشواطئ النظيفة لمن يريدها. نبيع الثقافة المختلفة والقصص الاستثنائية مع الاسترخاء والبعد عن القلق والاعتزال عن الضغوط لمن رغب. فالذي حوَّل السعودية إلى قطب اقتصادي وسياسي ورياضي مهم، قادر على تحويلها إلى قطب سياحي كذلك.