لم يكن اتخاذ القرار لتنفيذ عاصفة الحزم بالقرار السهل المتسرع كما يعتقد البعض، فقد تمت مراقبة الوضع في اليمن من جوانبه كافة عن قرب لفترة من الزمن، وفي تلك الفترة تم استخدام جميع الأساليب الديبلوماسية لحل أزمة اليمن، والمحافظة على وحدته، وشرعيته، ولكن ميليشيات الحوثي والمؤيدين للرئيس المخلوع لم يستفيدوا من الفرص التي أتيحت لهم، واستمروا في غيهم، واستفزازهم وتهديدهم، واعتدائهم على حدود المملكة، وأصبحوا يشكلون خطرا على أمن اليمن، وتهديدا لحكومته المنتخبة، ولم يقتصر الأمر عند ذلك الحد، بل قاموا بتهديد مباشر للمملكة وأمنها وأمن دول مجلس التعاون، والدول العربية بشكل عام. بعد ذلك كان هناك قرار من دول التحالف يتضمن إيقاف ما يقوم به الحوثيون من عبث وتوسع في المدن والمحافظات اليمنية، وما يصاحبه من قتل وسلب، ونهب، وفتح اليمن على مصراعيه للنفوذ الفارسي، والمتأمل لهذا القرار يجد أنه مبني على أسس واضحة، ومحددة وهي تلبية نداء الاستغاثة الذي وجهه الرئيس اليمني المنتخب، ولقد تم التخطيط لعاصفة الحزم بكل سرية تامة وفق أهداف محددة واضحة المعالم.

ولعاصفة الحزم نصيب من اسمها، حيث إن أي عمل عسكري على وجه الخصوص إن لم تكن له صفة الحزم لن يحقق أهدافه المنشودة بدقة، ولن يتم إنجاز مهامه المحددة، والحزم مطلب في مثل هذه المواقف عندما تشتد الحبال، وتتأزم المواقف، ومن الضروري أن يكون الحزم له صفة الاستمرارية، والسير على نمط واحد لبلوغ الأهداف المخطط لها، فالحازم الذي يتصرف بعقلانية، والمدرك لأبعاد الحزم المختلفة في هذه المواقف يعرف الواقع وأبعاده، ويستشعر المستقبل بتوقعاته، ويستفيد من الفرص التي تتاح له، ولديه حسابات دقيقة للنتائج، وما قد يترتب عليها.

كما أن القائد عندما يكون حازما في قراراته وتصرفاته فإن صفة الحسم لها ارتباط وثيق بصفة الحزم، ويمكن ملاحظة آثار الحسم على جميع ما يقوم به من عمليات تخطيطية وتنفيذية، وتكون نتائجها إيجابية، والقرار الحازم الحاسم لا يتم اتخاذه إلا بعد دراسة مكثفة، ومتعمقة من جوانبه كافة، فبعد صدور القرار لن يكون هناك أي تردد في تطبيقه، بل يتم التأكيد على التنفيذ كما هو مخطط له، وتتم الاستفادة من المواقف والخبرات التي في مراحل تنفيذه المختلفة في الميدان الحقيقي، وهذا ما تم، وما يتم فعليا في عاصفة الحزم.    

كما صاحب عاصفة الحزم إصرار على مختلف المستويات القيادية والتنفيذية حيال تحقيق أهدافها الرئيسة التي من أهمها حماية الشعب اليمني، والحفاظ على وحدته، وحماية المملكة، والمحافظة على أمنها، ورسالة قوية لمن يقفون وراء تمدد هذه المليشيات التي لا تدرك دورها فيما تقوم به من تخريب، ودمار وتمزيق لوحدة اليمن، بل هي تعمل بالتوجيه، والتحكم عن بعد مثل الربوت الذي ينفذ الأوامر بناء على البرمجة المسبقة، والمتأمل لما يحدث على الأرض من صراع يدرك أنه لا يوجد لدى الحوثيين أو القوات الموالية للرئيس المخلوع أي أهداف سامية عدا القتل لإخوانهم، وأبنائهم أبناء اليمن، ولا يدركون أن المستفيد من كل هذا قوى خارجية، وإنما هم أدوات تنفيذ مستأجرة فقط.

لقيت عاصفة الحزم ترحيبا وتأييدا على المستوى المحلي والإقليمي، بل والدولي، وهذا دليل على أنها قائمة على أسس منطقية، ومبنية على طلب مشروع من رئيس منتخب لليمن، كما جاءت العاصفة لتقول لمن يدعم ميليشيات الحوثي إنه لا مكان لكم في اليمن، ولن تواصلوا انقلابكم على الشرعية، ولا تتوقعوا أنكم ستحققون أهدافكم كما فعلتم في دول عربية أخرى، فالوضع مختلف، ولن يسمح بوجودكم في اليمن بأي صفة كانت، وأعتقد أن الدرس لمن يقف وراء ميليشيات الحوثيين واضح، ولا يحتاج إلى شرح أكثر، ولا بد من تغيير السياسة المتبعة، والاستغلال البغيض للأقليات والميليشيات في تنفيذ مخططاتها التوسعية، والتدخل في شؤون الدول الداخلية والخارجية.

حفظ الله لنا خادم الحرمين الشريفين، وولي عهده، وولي ولي العهد وزير الداخلية، والشعب السعودي، ومكّن جنودنا في الجو وعلى الأرض من عدوهم، وأعاد إلى اليمن الشقيق أمنه واستقراره وشرعيته.