في عاصفة الحزم، وقبلها عاصفة الصحراء، أثبتت المؤسسة العسكرية السعودية تفوقا كبيرا يواكب ما توليه المملكة من اهتمام ببناء قدراتها الدفاعية التي هي للدفاع عنها وعن مقدساتها الإسلامية ودول الجوار من أي اعتداءات خارجية مباشرة أو غير مباشرة.

وأمام هذا التفوق العسكري الذي بات واضحا للعيان، جاء قرار عملية عاصفة الحزم من مصدر قوة فاجأت العالم، ومصدر قوة القرار -في نظري- ينطلق من أمرين: أحدهما أن الموقف حتمي، فليس من المنطق أن تقف المملكة مكتوفة الأيدي أمام انهيار دولة عربية شقيقة تشترك معها في الحدود واللغة والدين والدم، على أيدي عصابات مؤجرة انتهكت الشرعية وعبثت بكل مكوناتها. والثاني: أن صناع القرار في المملكة يثقون في قدرة المنظومة العسكرية ولديهم من الشجاعة والثقة ما جعلهم يتخذون القرار دون إذن من أحد بعد ما لامست أسماعهم استغاثة الجار الذي وجد نفسه محاصرا من قبل المنقلبين على الشرعية، والمجندين لتنفيذ أجندة مشروع المد الفارسي الإيراني.

سأتحدث هنا عن التضافر بين المؤسسة العسكرية والمؤسسات الإعلامية، الذي هو في غاية الأهمية في مثل هذه العمليات، فقيادة العمليات العسكرية لعاصفة الحزم لم تغفل هذا الجانب، فخصصت مؤتمر الإيجاز اليومي الذي يتحدث فيه المتحدث الرسمي مساء كل يوم بشفافية متناهية، ويعرض بالصور والأرقام مستجدات العمل العسكري، ويجيب عن كل تساؤلات الإعلاميين بصدر رحب.

إذًا المشكلة ليست في شح المعلومة التي تقدمها المؤسسة العسكرية، بل في مهنية بعض المؤسسات الإعلامية، فكثير من القنوات الفضائية التي خصصت جل وقتها لمتابعة الحدث، لم تستثمر ما تقدمه المؤسسة العسكرية من معلومات تتسم بالشفافية، ولم توفق في إيجاد المحللين السياسيين والعسكريين الذين لديهم القدرة والتأهيل لتحليل الأحداث، وتقديم التصورات المنطقية لما يحدث، فاستقطبت كل من لديهم الاستعداد للظهور على شاشاتها، وقدمت للمشاهدين أشخاصا غير معروفين بمسميات متعددة ليتحدثوا عن العاصفة وهم غير مؤهلين للحديث عنها.