قلبك يفيض محبة على كل الدروب، تحمل شعلة المحبة وتنظر من حولك فلا تجد سوى الغيرة، البغض والمنافسة القاتلة. أتمشي في طريق لا تعرف إن كان الحق قادما أم ذاهبا، أم تقف مكانك وتكتفي بالمشاهدة؟!
أقول لك "يا جبل ما يهزك ريح" وانثر عطرك على الطريق وأكمل، فالشر لا طريق أمامه سوى الرحيل، والحق آت مهما طال الانتظار، في النهاية سيصل.
ما أصعب أن تمد يدك فلا تجد من يصافح! أياد ربطت إلى الأعناق لا تقوى على المصافحة، أياد من حديد ارتدت قفزات مخملية تظنها تمتد للمصافحة فتفاجأ بها تصدك بكل ما أوتيت من قوة! أياد تريد أن تحتضن لكنها شُلت من كثرة الخبرات. سلبية فلم تعد تعرف كيف تتحرك، ولم يعد لديها شيئا لتمده! وأياد لا تمتد لأن ما مُد إليها ليس من لونها أو شكلها، كل ما تراه هو ما رسم في وجدانها من تعصب، لديها الطيبة ولديها الخير لكن ليست لك بما أنك لست من دائرتها، ولكن، أكمل لا تيأس، ومد تلك اليد وابتسم... و"يا جبل ما يهزك ريح"!
ما أصعب أن تملأ كأسا فلا تجد من يشرب! كأس العلم، كأس الخبرة، كأس المشاركة. ينفرون لا يريدون حتى تشغيل الفكر، العقل بالنسبة لهم مجرد أداة لكل شيء إلا التشغيل والتفعيل! العلم أصبح في شرعهم شكّا، والخبرة مخاطرة ومجهودا من غير ثمار، والمشاركة أخذ دون عطاء! أكمل ولا تيأس.. اُنشر علمك، شارك بخبراتك، وابنِ وإن وجدت من يهد كل ما بنيت، انظر حولك فمقابل كل ما يدمر أيادي تبني... حضارة فوق حضارة، فكر يخرج من فكر، وعلم ينتج عن علم... و"يا جبل ما يهزك ريح"!
ما أصعب أن تتعب وتشقى وغيرك يرتقي حينا على أكتافك وأحيانا على أكتاف غيرك! يشجعونك على العمل ويعدونك بأنهار العسل والحليب، ثم تستيقظ على فراغ أُسقط بين يديك، وكل الخير يغمر طرقاتهم ويفيض على كل من كان يعارض كل فكرة تخرج بها، ويفيض على كل متفرج متسلق متملق معسول اللسان، يفيض في كل اتجاه نحوك! لا تيأس وأكمل، خبرة واكتسبتها، ومنها سترتقي، أما القشور فلا بد من أن تسقط بكل من ارتكز عليها ليكشف كل الخداع ويظهر كل التزييف، أما أنت فـ"يا جبل ما يهزك ريح"!
ما أصعب أن تقف بوجهك العاري الصادق تبث مشاعرك بكل شفافية، وتجد أقنعة تتلون كل يوم فلا تعرف مع من تتعامل، مع من تتواصل، مع من تتحاور. تفور الدماء في عروقك تريد أن تصرخ: "أين الحقيقة؟!" تخنق عباراتك وتنظر إليهم في أعين تملؤها الأدمع والعتب. أكمل ولا تيأس، أنت الحقيقة وأنت الشمس فلا تهتم لمن يعيش في الظلام فألوان الربيع لا تظهر في الليل، وأنت الربيع وكل ما يحملونه سراب، وإلى متى يستمر السراب؟ أنت من يمشي على الأرض، يعيش نبضها ويتفاعل معها، وهم يعيشون على أبراج ستقع مع أول ريح. أما أنت.. أنت يا طاهر يا نقي. "يا جبل ما يهزك ريح"!
ما أصعب أن تبتسم في وجوه لا تعرف ماهية الابتسام! وجوه شاردة. حائرة. ضائعة في عالم افتراضي! يتحدثون عن المحبة، عن السلام، عن التعاطف والإخاء، وعند اللقاء يخافون أن يبتسموا وكأنما يمتلكون وجوها من زجاج، يخافون أن تتكسر وتتناثر أمامك! أكمل ولا تيأس، ابتسم وأدخل البهجة إلى روحك والصفاء إلى نفسك، فالابتسام رحمة ومحبة وعطاء، سيطالهم تأثيره يوما ويغسل قلوبا كانت تعيش في شقاء، فابتسم، وابتسم، وابتسم... و"يا جبل ما يهزك ريح"!
ما أصعب أن تحمل قلبك على كفيك وبدلا من المحبة تجد سهاما تدمي ورصاصا يقتل! تحب فتقابل محبتك بالغدر، بالشك، بالاستغلال! قلة من يعرف كيف يحب، صعب على من لم يعرف المحبة أن يحب، صعب على من أوصد كل طريق إلى قلبه أن يحب، صعب على من ملأ قلبه بالكراهية أن يحب، صعب على الأناني على النرجسي على المستغل.. أن يحب! أكمل ولا تيأس، أحب الناس جميعا دون استثناء، فمن ضياء المحبة سترى طريق الخير والعطاء.
لا تجعل الغير مرآتك، ولا تسمح لأحد أن يطفئ ذاك الضياء بروحك، كل صعب يصبح سهلا إن عرفنا كيف نتعامل معه وكيف نواجه التحديات، هم ليسوا أنت، فلماذا تسلمهم مفاتيح حياتك؟ رضاك وسعادتك؟ فالحياة يوم لك ويوم عليك، ولكنها في تغيير دائم ولا يبقى سوى وجه ربك ذو الجلال والإكرام. ضع روحك بين يديه وتوكل عليه، فالسعادة بين يديك وأنت القائد وأنت الحكم.