لم أكن أرغب أبدا في استئناف كتابتي بعد الابتعاد الموقت عن الكتابة والظهور الرياضي، بالهجوم على أحد أو سلوك مبدأ الانتقاد، لكن "ما باليد حيلة" فالرياضة السعودية لم تكن تستحق إعلاما رياضيا متخلفا، يتلخص في حوارات مثيرة للفتن وكتابات هزيلة لا تجد حلولا لهمومها.
لم يكن جديرا أن يكون محور الإعلام الرياضي تصفية الحسابات والكيد للآخر، وفرد عبارات الإقصاء والعنصرية.
علينا أن نعترف أن وضع كثير من الإعلام الرياضي السعودي أصبح مخيفا، لأن المعنيين فيه لا يهمهم إلا مصالح أنديتهم، والبحث عن كل ما يخل بمنافسهم.
أصبح الوضع شائكا، فلا احترام للآخرين، ولا حتى للقيم وتعاليم الدين الحنيف التي تدعو إلى التسامح والتحاب، ومن يرفض هذا التوجه ويستنكره فسيكون خارج إطار الإعلام، لأنه سيخالف تعاليم الانتماء التعصبي التي بنيت عليها كثير من الحوارات والمقالات الرياضية.
من يخالف ذلك بالتأكيد سيجد وحشة، لأنه سيكون وحده، يصارع ويقف ضد التيار التعصبي العاتي. لن يستطيع أن يتكيف معه أو حتى أن يسايره إذا ما كان قد نشأ تلميذا للقيم والمبادئ، سيواجه الأزمة الأخلاقية منتظرا الفرج، لكن هيهات لأن الرعاع انضموا إليها، ومن بينهم إداريون ومشجعون ومتنفذون وأصحاب أموال متكسبون، حينما وجدوا البيئة المناسبة التي لا يهمها المصداقية بقدر الانتصار لمن تفضل، ومن أوكلت لهم المهمة يرجون شهرة حتى لو كان ارتقاؤهم على حساب المبادئ والأخلاق، فلا بد أن تنافق وتتلون، وتكذب وتشعل الفتن، وتبلغ من الوصولية والبذاءة ما يجعلك في محل الشهرة، لأنه زمن "العصاعص" التي قامت والرؤوس التي نامت، وباختصار لأنك كي تكون ذا صيت في الوسط الإعلامي الرياضي، فلا بد أن يكون هناك انحطاط في المصداقية.
هذا أقل القليل عن الإعلام الرياضي، وإذ نقول إنه الآن أصبح قليل النفع، من خلال أن كثيرا منه معول هدم وتنافر، وتجاوز يدق إسفينا في الوطنية، يكذب ويخترع، لم يعد نزيها، ولم يعد معينا، بل أصبح مفسدا لرأي الجماهير، وعابثا بأفكارها، والسبب أن تنافسا محموما يحضر. لم نطالب أبدا أن يحب أو حتى يتعاطف كل مشجع أو إعلامي أو إداري مع منافس فريقه، بل نريده ألا يفتري عليه وألا يكذب على الآخرين، ألا يقذف بذممهم لأجل حدث تافه أو خسارة حدثت، ألا يستدعي نتانة العنصرية لأجل أن ينتصر.
أصبح التشجيع والبحث عن المتابعين أهم لديهم من كثير من قضايانا الوطنية! وأصبح استقطاب الرعاع والمتشنجين لتقييم الأحداث؛ الأساس في العمل ممن قضيته أن ينتصر لفريقه ويقدح بالمنافس. ليس مهما أن يكون محترما ومتأدبا أثناء الحوارات، بل مدججا بالأكاذيب والاختلاقات، ولا بأس إن تم كشف ذلك، لأن هناك من سيدافع ويؤيد!
هذا هو الواقع، وهذه هي حقيقة ذلك الإعلام الذي بات محل زيارات للتافهين. هذا الإعلام الذي يتبنى آراء الأعضاء الفاشلين، حتى بلغ بعضنا ضرب جدار الوطنية بكل تفاهة وسماجة، وأراد إفسادا فيه عبر إعلام رياضي ييسر له ما يريده، حتى بلغ من التفلت ألا يلوي على أي كذب وشتم! يفعلون ولا يخافون يوما تُسأل كل نفس ما عملت!