شكل توجيه وزير الثقافة والإعلام عادل الطريفي بإيقاف صحيفة الرياضي السعودية وإحالة رئيس تحريرها صالح الخليف ورسام الكاركتير في الصحيفة يزيد الحارثي، إثر نشر الصحيفة رسما وصف بالمسيء لدولة خليجية شقيقة تزامنا مع  خروج النصر من دوري أبطال آسيا من أمام لخويا القطري الأربعاء الماضي، أول خطوة في اتجاه تعاون الرئاسة العامة لرعاية الشباب برئاسة الأمير عبدالله بن مساعد والوزارة بقيادة الطريفي لإيقاف وسائل إعلام وإعلاميين يثيرون التعصب بين الجماهير الرياضية ما يشكل تهديدا لضرب اللحمة الوطنية.

وكانت مواقع التواصل الاجتماعي عجت خلال اليومين الماضيين، بسلسلة انتقادات من مغردين سعوديين، حملت الاعتذار للدولة الخليجية الشقيقة، كما تناول إعلاميون في الدولة الشقيقة الموضوع، مستغربين صدور مثل ذلك من صحيفة سعودية وفي وقت حساس، مؤكدين أن ذلك لن يؤثر على علاقتهم بالمملكة.

بدورها استطلعت "الوطن" آراء عدد من النقاد ورؤساء تحرير ورؤساء الأقسام الرياضية، حول التوجيه.



حان إيقاف التجاوزات

فمن جانبه، شكر المستشار الإعلامي صالح الحمادي، وزير الثقافة والإعلام عادل الطريفي، مشيدا بقراره، وقال: "ما حدث تصرف فردي تطاول على أحد القيادات في بلد خليجي شقيق، يُسأل عنه كل الأطراف التي طالب الوزير مشكورا بالتحقيق معهم، وإذا كنا لا نقبل أن يتطاول أحد على القيادات السعودية، فبالتالي يجب ألّا نقبل من إعلامنا أن يتطاول على رموز وقيادات البلدان الأخرى"، مشدداً على أن مثل هذه التصرفات يجب أن تردع بقوة.

وأضاف: "للأسف بعض وسائل الإعلام التي تنطوي تحت وزارة الإعلام أصبح فيها الكثير من التعصب في وقت أحوج ما تكون فيه الأمة متلاحمة ومتعاضدة في وجه التحديات التي تواجهها، لاسيما أنها موجهة إلى الشباب الذين يشكلون السواد الأعظم من التقدير السكاني لهذا البلد، والتعصب الرياضي سيؤدي إلى مزيد من التعصب الذي لا تبشر آثاره المستقبلية بخير، وتدخل الوزارة في إيقاف مثل هذه التجاوزات التي خرجت من المحلية إلى الإقليمية الخليجية"، متابعا في هذا الصدد "غير اللحمة السعودية، نحن نحتاج إلى لحمة خليجية وعربية وإسلامية، لأن ما يراد بالأمتين العربية والإسلامية، أمر خطير جدا ترتب له جهات لا تحمل خيرا لنا، وعجيب ومهيب وغريب أن يكون لدينا زملاء نحسبهم عقلاء وهم بصراحة ببعض تصرفاتهم لا يسيئون فقط للرياضة بل يسيئون للمفهوم التنافسي الشريف بين أبناء الوطن الواحد وأبناء الإقليم الواحد". وشدد الحمادي على أن الوسط الإعلامي ينتظر مثل هذه القرارات في مختلف وسائله، مهيبا أن تكون الوسائل كافة لخدمة الوطن أكثر من كونها تخدم ناديا معينا أو أشخاصا وجهاتٍ.

وأضاف "منذ سنوات وأنا أستغرب سكوت وزارة الإعلام على التصرفات المشينة التي تصدر من البعض، ويبدو أنها في طريقها لإيقاف كل ما يسيء للآخرين".

اعرفوا حدودكم

وطالب عضو الاتحاد السعودي لكرة القدم الدكتور صلاح السقا، بأن يعرف الجميع معنى الرياضة وحدود التنافس الرياضي الشريف، وقال: "الرياضة في الأساس روح تنافس وتجمع وليست وسيلة للتفريق ونشر التعصب والعنصرية والفرقة، وتحرص على الأخلاق الرياضية وكيفية التصرف عند حدوث المشاكل، إلا أننا ابتلينا بكثير ممن يخرجون عن النص بقصد أحيانا، وأخرى بغير قصد".

وأضاف: "لابد أن نوجه رسالة مفادها أن الشخص قبل أن يقول كلمة أو يرسم كاركتيرا، لابد أن يفكر في المعاني التي من الممكن أن تخرج من الرسومات والكلمات"، مؤكداً أن المنافسة يجب ألّا تخرج من الملعب وأن تبقى في حدود رياضية، مع معاقبة أي شخص يخرج عن هذا النص.

ولفت إلى أن الرسالة التي تقوم بها وسائل الإعلام الرياضية وتوصلها إلى عدد كبير من الشباب، تحمل تحريضا وتجاوزا بمسمى الإثارة، ويعتقد البعض أنها تمثل الرياضة، واصفا ذلك بتجييش الشباب لأشياء غير منطقية واستخدام للرياضة في مكان غير مكانها الذي وجدت من أجله، داعيا إلى إيجاد قوانين تردع كل إنسان يمس الوحدة بشكل أو بآخر.

وتطرق إلى أن التعصب الرياضي انتشر بشكل كبير وبمعاني ربما تسبب الكثير من المشاكل، ويجب أن يوقف بممارسات واقعية تطبق على الجميع من لاعبين ومدربين وإداريين في كيفية التعامل مع الفوز والخسارة بطريقة حقيقية لا تأخذ أبعادا مختلفة.



التلفزيون يقود التعصب

وأكد نائب رئيس تحرير صحيفة اليوم محمد البكر، أن الإعلام يغذي التعصب الذي وصفه بالثقافة التي تنمو من الصغر وتبدأ من البيت وداخل الأسرة وتنتقل للمدرسة.

ورأى البكر أن وزارة الإعلام قد تحاول فرض رقابتها للحد من هذه الظاهرة إلا أنها لا تستطيع استئصالها، معللا ذلك بأن البداية من المنشأ في البيت، وأكبر من أن تعالج بقرار إيقاف صحيفة أو تغريم، ويجب أن تعالج من جذورها للقضاء على التعصب.

ونوه إلى أن التعصب الرياضي في الصحف أدنى تأثيرا وأقل حضورا مما هو في المرئي والمسموع، لمحاولة الضيوف في هذه القنوات خلق المشاكل والحديث باسم الأندية وليس باسم الإعلام، وأولها التلفزيون الحكومي، مضيفا "كل ذلك يعني أن الإعلام المتزن مغيب، فحينما تشاهد التلفزيون الرسمي يسمح بتجاوزات فلا نلوم القنوات الخاصة، ويجب ألّا نسمح للإعلام في إدارة التلفزيون والبرامج الرياضية باستضافة المتعصبين الذين يبثون التعصب في النشء، لأن هؤلاء مشجعين وليسوا نقادا".



التصحيح من الأساس

بدوره، قال الناقد الرياضي خلف ملفي: "نتطلع إلى أن تقوم وزارة الثقافة والإعلام مع تبوء الإعلامي الحقيقي الدكتور عادل الطريفي منصب الوزير، بأمور كثيرة، منها الرقابي، والاهتمام بأسس الصحافة من خلال مشواره العلمي والتجربة، لأن كثيرا مما سبقوه اهتموا فقط  بالأمور الإدارية التي تهم الدولة، وأهملوا الجانب الإعلامي الحقيقي".

وأضــاف: "يجـــب الالتقاء برؤساء ومدراء التحــريــر للصحــف الرياضية ومدراء القنوات، وحتى الكتاب الرياضيين، ليكون هناك دور حقيقي على أرض الواقع وليس من خلال الكلام أو عقوبات تقر من فترة لأخرى".

وبخصوص دور الرئاسة العامة لرعاية الشباب، قال: "من الواضح أن هناك توجهات قوية أكثر من السابق، والدليل التقاء الأمير عبدالله بن مساعد بالمهتمين بالإعلام كلاً في مجاله من خلال عدة اجتماعات ولقاءات لمعرفة بوابة القصور والسلبيات في الوسط الرياضي إعلاميا، والتواصل مع وزارة الإعلام ووزارة الداخلية للمراقبة وللحد من التعصب الرياضي من خلال وسائل التواصل الاجتماعي، ونتطلع إلى أن تكون المرحلة المقبلة انتقالية كما هي في إدارات بالاتحاد السعودي والبطولات والبرامج وتبقى التوعية الإعلامية المكثفة لمواصلة النجاحات السابقة".



صبرنا على التأجيج طويلا

فيما شدد الناقد الرياضي علي العكاسي، على أن الصبر طال على التأجيج في القنوات الرياضية في ظــل متــابعــة أبنـائنـا لتلك البرامج، وما يحدث فيها من ألفاظ نابية وخارجة عن الرياضة، وقال: "جميعنا نعلم أنه لم يعد هناك انتماءات للأندية، وأصبحت الانتماءات لأشخاص داخل الأندية، سواء كانوا رؤساء أو لاعبين، كذلك بدأنا في الدخول في نوايا الحكام والضغط عليهم".

وأضاف: "تأخر وزارة الإعلام في ضبط القنوات الرياضية والضيوف رفع من حدة التعصب خلال السنوات الماضية".

وتابع "إدارة النشر بالرئاسة العامة لرعاية الشباب يجب أن تبدأ بالرقابة بالشكل المطلوب وكذلك التعليم العام والتعليم الجامعي يتحملان المسؤولية فيجب أن يكون هناك توعية كبيرة من خلال ندوات ومحاضرات عن التعصب الرياضي ومساوئه وما سيقود إليه من مشاكل كبيرة سيكون تأثيرها على المجتمع وليس على الوسط الرياضي فقط".