ليس أسوأ من أن ترى انهيار قيم وأخلاق ونخوة الرجال في بلد إسلامي، ذلك مؤشر سيئ لمستوى انحدار أخلاقيات البعض في زمن الصورة والكلمة اللحظية التي لا ترحم أحيانا، وتجعل الحكم المجتمع انطلاقا من فرد وثّق وصوّر، ثم نشر مقطعا قصيرا يجسد كيف أن بعض الذكور ربما يمارسون الطغيان في الخفاء. وفي المقطع الشهير الذي انتشر قبل أسبوعين كانتشار النار في الهشيم، وأظهر فيه كيف أن مشادة كلامية بين سيدة ورجل في سوق شعبي في جدة انتهت بصفعة يد البطش من شخص إلى وجه امرأة أُسقطت أرضا بفعل قوة "الكف".

فإنني لست هنا في مقام توضيح أن مجرد ضرب رجل لسيدة عيب كبير لا يقدم عليه الرجال، لكن المؤسف والمؤلم والمحرج أن الذكور الموجودين في حلبة الإنسانية اكتفوا بتصوير الحدث والتحول إلى جماهير على مدرج تتفرج!

وحقيقة، لا أدري ما شعور الموجودين لو كانت هذه السيدة أمهم أو أختهم أو على الأقل ابنتهم! هذه السيدة وأيا كانت الأسباب التي أدت إلى خروجها للبحث عن لقمة رزق تسد بها طلب أفواه أبنائها، وهي المنفصلة عن بعلها كما ذكرت في برنامج الثامنة مع داود؛ أقول أيّا كانت الأسباب التي جعلت الطرف الآخر يستشيط غضبا؛ لا تخول له ولا لغيره أن يمد يده على سيدة، لأن الحد الأدنى من المروءة والرجولة والنخوة الفطرية الطبيعية تمنع ذلك، ولم أستغرب أبدا أن تكون للأمير خالد الفيصل كلمة الفصل حين أمر ببحث واستقصاء حيثيات هذه المهزلة الأخلاقية، ومحاسبة من قام بها.

المجتمعات يا سادة تقوم على قيم ومبادئ، إن كسرناها وفقدنا احترامها سننسلخ من كينونتنا الخالدة التي نستمدها من ديننا، والتي قال فيها خير خلق الله: "استوصوا بالنساء خيرا".

أختم ببالغ الحزن على حال أخلاق البعض والله المستعان.