بعض أخبار قنواتنا العربية لا تدري هل تضحك معها، أم تحزن عليها، أم تلعن طوب الأرض الذي يمشي عليه إعلاميوها.
الخبر الذي وضعته قناة عراقية على شريط أخبارها المتحرك، وعلى شريط العاجل يقول: (فجّر انتحاري نفسه ثم لاذ بالفرار في منطقة الزيدية)!! وهو الخبر الذي لم نفهم منه، كيف يفجّر إنسان نفسه ثم يلوذ بالفرار من بعدها، تماما مثلما لم نفهم ابتسامة أي مذيع عربي، وهو يقرأ أخبار الموت!
الذي يهمني هنا، ليس الخبر المهزلة، فقد تعودنا على هذه المهازل الكوميدية في فضائنا العربي، غير أن ما يهمني فعلا، هو الحد المتدني جدا من المهنية الذي وصلته قنوات العراق الفضائية بالذات، ما كان رسميا منها أو خاصا.
عشرات القنوات الفضائية تحمل اسم العراق، منها ما تحمل الاسم صراحة، ومنها ما يحمل أسماء مواقع أو رموز، كلها تشير إلى عراق العلم والحضارة والتاريخ، لكن الغالبية العظمى منها لا تحترم في طرحها ولا مهنيتها ولا حتى شكلها الإخراجي اسم العراق الكبير.
تربّيت أنا وأبناء جيلي، ومن هم أسبق من جيلي، على هيبة اسم العراق ثقافيا وإعلاميا وحضاريا، والكل يعلم أن العراق بلد علم، وفن، وثقافة، وحضارة، فكيف يتم تسليم كل ذلك، لأيدٍ تسيء إلى الاسم والمكانة.
إعلام العراق الراهن بحاجة إلى فلترة عاجلة، مضمونا وشكلا، فعشرات القنوات العراقية تلك، تسيء ولا تخدم، وتفشل ولا تنافس، وتحمل اسما وهوية أكبر من طرحها ومضامينها ومهنيتها.