قفز برشاقة داخل حاوية القمامة، لمعت خصلات شعره الذهبية مختلطة بأشعة شمس ربيع خجول، بعثر محتوياتها، بسرعة الخبير.
فجأة.. لمحتُ في عينيه نظرة سرور، تناول كتابا كبيرا بانت لي ألوانه المرحة من بعيد.
أسند ظهره على صفيح الصندوق، وأخذ يقلب صفحات الكتاب وهو سعيد، يضحك تارة، ويدقق بألوانها المبهرجة تارة أخرى، ثم يلتفت حوله ويعيد التقليب.
راق لي منظره كثيرا، أخرجت هاتفي والتقطت له صورة، وفي غمرتي هذه.. هبطا علي هبوط صاعقة على جذع خشبي عتيق، التقطا الهاتف من يدي، وسألني أحدهم:
ـ ماذا كنت تصورين؟
ـ أصور ذلك الطفل في الحاوية.
ألتفتُ إليه، كان يركض بعيدا، حاملا معه كنزه الثمين، وآيات الرعب بادية عليه.
ضحك هازئا مني:
ـ وهل علي أن أصدقك؟
التفت الآخر إليه قائلا:
ـ ليس هناك إلا صورة ذلك الطفل، وقد حذفتها.
أعادا لي الهاتف، وغادراني بنزق، تركا لي دموعا أغرقت روحي، ووصلت حدود قلب بدا وكأنه يحتضر أسفا على طفولة في وطن بات جرما فيه، التقاط صورة.