لا تقلق أبدا على مقتنياتك عندما تكون على متن إحدى شركات الطيران الهولندية المتجهة إلى مطار أمستردام والتي أحتفظ باسمها لعدم الوقوع في فخ التسويق. مهما كانت مقتنياتك صغيرة أو كبيرة إلا أنه لا يمكن أن تفقدها بسهولة بفضل الكلب "شيرلوك" الذي يمتلك حاسة شم قوية تمكنه من تتبعك في أي مكان داخل المطار ليعيد لك جوازك المفقود أو هاتفك الذي نسيته في إحدى مرافق المطار أو لعب أطفالك التي لا تعلم أين فقدتها! تجد الكلب "شيرلوك" والمُدرب بشكل جيد يجري بكل قوته في مطار أمستردام يوزع المفقودات حتى قبل أن يشعر مالكوها بفقدانها.

تقول السيدة ديرك دريل مدربة الكلب "شيرلوك" إنها قامت بتدريبه على كيفية التعامل مع العملاء، وتقوية عضلاته ليكون قادرا على التحمل أكثر، وهذا يعني أن الكلب "شيرلوك" يتحمل عناء رفع الأثقال وتمارين شاقة من أجل أن يحمل إلينا ما نفقده، ويعود ليساعد شخصا آخر.

هذا الكلب الذي ينتمي إلى سلالة "البيغل" -التي تمتلك حاسة شم قوية تفوق تلك التي تمتلكها الكلاب البوليسية- يعلمنا أنه بإمكاننا أن نستغل كل الأشياء كي نقضي على مشكلة فقدان مقتنياتنا في الأماكن العامة وتهرب الجهات المسؤولة عن كل المرافق من مسؤولية إعادة المفقودات والمساعدة على البحث عنها حتى تعيدها إلينا.

نفقد الأمل تماما في العثور على مفقوداتنا في المرافق العامة وسيارات الأجرة ونجد الإجابة: "ليست من مسؤولياتنا البحث عن مفقوداتك" جاهزة للرد، بل تجدها لافتات معلنة في بعض المطاعم والمراكز التجارية.

غياب ثقافة إعادة المفقودات في مجتمعنا السعودي يعود في الأساس إلى غياب القانون الذي يحمي مفقوداتنا. تجد رجال الأعمال يستثمرون أموالهم في أضخم المراكز التجارية وبأرباح عالية بفضل عدم وجود ضرائب كما هو مطبق في الدول الأخرى، ومن ثم تجدهم يوفرون ميزانية إعادة المفقودات والتنصل من مسؤوليتهم عنها، ودون وجود دعم حقيقي من القانون الذي يحمي مرتادي هذه الأماكن!

غياب آلية إعادة المفقودات لا تجدها فقط في القطاع الخاص، بل أيضا في القطاع العام الحكومي، إذ إنه لا يمكن أن تجد أحدا يمكنه أن يقدم لك العون لإعادة مستنداتك الهامة التي فقدتها أو بطاقاتك الهامة مثل رخصة القيادة أو بطاقة العمل وغيرها.

بعد أن وصلنا إلى المطعم لتناول وجبة الغداء في إحدى مقاطعات الصين، تذكر أحد أصدقائي أنه نسي هاتفه الجوال في أحد مكاتب وزارة التعليم الصيني. توقف فورا عن تناول وجبة الغداء وعاد مسرعا إلى المكتب وهو يردد "لدي معلومات هامة في الهاتف لا يمكنني تعويضها لو فقدته". ذهب إلى المكتب أفاده الموظفون أنهم لم يجدوا أي هاتف هنا، ولكن عليه الذهاب إلى مكتب المفقودات ويسأل الموظف المسؤول عن المفقودات وسيساعده.

ذهب إليه صديقي وأخبره بأنه فقد هاتفه وأخبره في أي المكاتب فقدها، فطلب منه الموظف أن يتصل على رقم مكتب المفقودات في وقت لاحق للاستفسار عن هاتفه المفقود. وبعد يومين من تواصل صديقي معهم أفادوه أنهم عثروا على هاتفه المتنقل ويمكنه أن يحضر في أي وقت لاستلامه.

يقول صديقي: لم أصدق أنهم أعادوا لي هاتفي المفقود وحتى لم يخبروني عن تفاصيل بحثهم عنه. كل ما فعلوه أنهم أعادوه لي دون مقابل مع الشعور بالمسؤولية التامة عن أي مفقودات داخل منشآتهم.

وأترك لكم التخمين: ماذا لو كان صديقي فقد هاتفه في إحدى الدوائر الحكومية أو قطاع الأعمال مثل البنوك والشركات وغيرها في المملكة؟ هل سيجد من يساعده في إعادة ما فقده؟ هل سيجد مكتبا خاصا للمفقودات؟ أو موظفا مسؤولا عن المفقودات؟

مفقوداتنا داخل أي منشأة -بغض النظر عن تصنيفها، حكومية أو قطاع خاص- يجب أن تكون من مسؤولية المنشأة والقائمين عليها، وهذا ما يجب على الجهة التشريعية أن تفرضه عليها، بأن تصدر القانون ثم يتم تطبيقه عليها حتى نجدنا يوما ما نشعر وكأننا في مطار أمستردام الذي لا يمكن أن تفقد فيه شيئا دون أن يساعدك الكلب "شيرلوك" على استعادته.

الكلب الذي دفعت عليه الشركة كثيرا لتدريبه والعناية به فقط من أجل أن تقدم خدمة إعادة المفقودات إلى مرتاديها وتجعلهم يشعرون بالأمان على مقتنياتهم.