النفس البشرية أنواع متعددة، منها الطيب ومنها الخبيث، ومنها ما جُبل على التلون كالحرباء في كل موقف ومصلحة دنيوية بحتة، ولذلك تحول بعض اللصوص من مجرمين وقاطعي طرق إلى وجوه تم تلميعها، بسبب شبكة من الفاسدين أو أحيانا المغفلين، ممن يخدعهم كل ما يلمع فيحسبونه ذهبا ولو كان نحاسا "رخيصا" تم طلاؤه زورا وبهتانا ليبدو جميلا فيخدع وينخدع به صغار الفِكر ومحدودي الخبرة، بل وحتى من عجنتهم خبرات الحياة ودهاليزها. في هذا الزمان السريع المتسارع تطورت أساليب النصب والاحتيال، وتجاوز اللصوص مرحلة حمل السلاح وضرب السكاكين والطعن بالخناجر، فتم الدخول من باب التطوع والمسؤولية الاجتماعية، وأحيانا جمع التبرعات، بل وبلغت ببعضهم دناءة النفس أن يستغل المرضى وذوي الإعاقة لاستحلاب المال من خلفهم، وجعلهم مطية لزيادة أرصدتهم بكل خِسة ودناءة!

إننا اليوم في حاجة لسن أنظمة تُحرّم وتُجرّم كل من يستغل المتطوعين والمتطوعات، ثم يحقق مكاسب مالية ومعنوية وتعاقدية من خلفهم، ثم يلتفت إليهم بعد انتهاء دورهم قائلا لهم: شكرا لتطوعكم!، وبكل بساطة يمضي ليحيك خيوط خبثه وتلاعبه نحو ضحية جديدة، متمسكنا حتى يصبح متمكنا، وهلم جرا عاما خلف عام.. حتى يبلغ عشرة أعوام!

آن الأوان لنضرب بيد من حديد على ممارسات مشبوهة يتم تغليفها بمسميات رنانة، فمن غير المعقول أن يدعي أحدهم تقديم خدمة للمجتمع، ثم يضحك على هذا ويأكل مال ذاك ويتلون ويطلق وعودا كاذبة، ثم يلهف مالا حراما سيكتوي بناره يوما ما، فالله عز وجل لا يرضى بالظلم وربما يمهل لكنه لا يهمل، لكن حتى ذلك الحين على الجميع أن يفيق من غيبوبة العاطفة، فالكلمة وحدها اليوم دون عقود لا تكفي.. فزمن الطيبين يتلاشى.

خاتمة:

التذاكي على الأذكياء غباء.