التربة أنواع، أسوأها الرملية -كما يقول المزارعون- وأفضلها تلك التي تتشكل بين الطينية والرملية. الأولى تمتص الماء وتصبح الزراعة فيها متعبة وغير ذات جدوى. الشركات تتشابه مع التربة، بعضها يؤتي ثماره يانعة، والبعض الآخر يمتص الماء دوى أدنى فائدة!

أمُرُّ في بعض المناطق على مشاريع ضخمة، وأحيانا أعلم عنها من خلال الصحف، يسعدني ذلك، أتمنى أن تتحول بلادي كلها ورشة عمل صاخبة لا تهدأ، هذا يطمئننا بأن البلد يسير في الاتجاه الصحيح نحو المستقبل بالسرعة الملائمة. لكن الذي يستوقفني كثيرا هو أسماء الشركات التي تقوم على تنفيذ هذه المشاريع!

هي شركات وطنية على أي حال، ويملكها مواطنون، لكنني أتفاجأ بأنني أسمع عنها لأول مرة، لم أسمع عنها وأنا الذي أزعم أنني متابع جيد للشأن المحلي. الشركات التي يعرفها الناس لا تتجاوز أصابع اليد، كـ"سعودي أوجيه" و"السيف" و"بن لادن" و"الزامل". لكن هناك شركات عملاقة أخرى تعمل في نشاطات مختلفة تبتلع مناقصات بمليارات الريالات، توقع، وتتسلم، وتدخل في مناقصة تلو مناقصة، بصمت شديد، وأسماؤها عامة -أو قل عائمة- فلا تعرف مالكها الحقيقي وكأنها لص يتسوّر المنازل ليلا بحثا عن المال والذهب، ثم يفر هاربا!

نحن لا نحسد أحدا. لو فعلنا ذلك فنحن نحتج على الرازق سبحانه. لكن من حقنا أن نسأل: لماذا تدس هذه الشركات رأسها حينما نتحدث عن المسؤولية الاجتماعية؟ لماذا لا تنزع القناع عن وجهها؟ لماذا ليس لها أي حضور من أي نوع في البلد؟!

الشهر المنصرم امتلأت الصحف بإعلانات التهاني والمبايعة، كنت أتأمل الأسماء، شركات كثيرة بأسماء عامة، جميعها لم يسبق لي مجرد السماع عنها!

دائما نسأل البنوك وشركات القطاع الخاص عن حدود مسؤولياتها الاجتماعية لكننا أبدا لا نفتح ملفات هذه الشركات. ماذا قدمت هذه الشركات "المليارية" للمجتمع؟

هذه صورة واضحة للعقوق. يجب أن يحاصرهم الإعلام. من أي شيء تخافون، سحب عقود الإعلانات، أين هي؟!