لا أكاد أصدق ما قرأت، يقول المثل الشعبي الدارج: "إذا كذبت فعنِّز" أي أسند روايتك لمصدر وبهذا تسلم من ذلك الوصف. "أعنِّز" هنا إلى مصدرين مهمين صادقين، الأول الاقتصادي البارز الدكتور عبدالله دحلان في مقاله في جريدة عكاظ يوم الأحد الموافق 17 مايو 2015 والمصدر الثاني جريدة الاقتصادية في التاريخ ذاته.

في مقالة الدكتور دحلان ذكر بعد تحليل علمي للعملات وأثبت بالشواهد والأدلة أن أسعار السلع يجب أن تنخفض تبعاً لواقع سوق العملات تبعا لانعكاس ارتفاع سعر الريال على أسعار السلع المستوردة من هذه الدول، حيث استفاد سعر صرف الريال مقابل عملاتها. وقال الدكتور دحلان: "وبقي المستفيد الأول هم التجار المستوردون والوكلاء والموزعون لأكبر السلع في المملكة ومنهم تجار السيارات وقطع الغيار، وأكبر الخاسرين هم المستهلكون، مواطنون ومقيمون، وذلك في غياب رقابة وزارة التجارة لحماية المستهلك. وفي الجانب الآخر والأهم هي تحليلات أسعار المواد الغذائية في العالم ومقارنتها مع الأسعار في المملكة. حيث شهد مؤشر (فاو) الذي يقيس أسعار الغذاء عالميا تراجعات في فبراير الماضي حيث تراجعت أسعار الألبان ومشتقاتها عالميا بنسبة 34% مقابل ارتفاع أسعار الألبان في المملكة بنسبة 1%. وتراجعت أسعار الحبوب ومشتقاتها عالميا بنسبة 14% وارتفعت في المملكة 4%، وتراجعت أسعار الزيوت النباتية ومشتقاتها بنسبة 21% بينما ارتفعت في السعودية 1%، وكذلك تراجعت أسعار السكر عالميا 12% وارتفعت في المملكة 4%".

هنا نهدي هذه الإحصاءات الموثقة إلى وزارة التجارة وإلى وزيرها المعروف بحزمه ونشاطه. ونطرح مع الدكتور دحلان السؤال الآتي: "من المسؤول عن مراقبة أسعار السلع المستوردة لأسواق المملكة في الوقت الذي يرتفع فيه سعر صرف الريال أمام العملات الأجنبية في الدول التي نستورد منها وتنخفض أسعار السلع في تلك الدول لأسباب كثيرة منها انخفاض أسعار البترول ومشتقاته ومنها ضعف عملتهم أمام الريال؟ وكيف نقبل حجة المستوردين عند ارتفاع الأسعار بأن الأسعار مرتفعة من بلاد المصدر ولا يقبل المستوردون حجة المستهلك بأن أسعار السلع انخفضت في بلاد الإنتاج والتصدير، وسعر الريال السعودي ارتفع أمام العملات العالمية وعلى وجه الخصوص في البلاد المستورد منها"؟ ونسأل وزارة التجارة عن وجود جهاز يقوم بقياس أسعار السلع العالمية مقارنة بالسلع في أسواق المملكة، ورصد الارتفاع والانخفاض في الأسعار عالميا وضبطها محليا.. هل غاب عن وزارة التجارة أهمية وجود مثل ذلك الجهاز في هيكلها؟

أما تقرير جريدة الاقتصادية فقد اتفق مع ما ذهب إليه الدكتور عبدالله دحلان في مقالته بأن التضخم عند أدنى مستوى منذ 8 سنوات.. و"الأغذية" تنخفض عالميا وترتفع محليا، وقال التقرير: "بلغ معدل التضخم في السعودية 2% خلال نيسان (أبريل) الماضي، مقارنة بنفس الشهر من 2014، مسجلا أدنى مستوياته على أساس سنوي منذ تعديل سنة الأساس إلى عام 2007 أي قبل نحو ثماني سنوات. ووفقا لتحليل وحدة التقارير في صحيفة "الاقتصادية"، فقد ارتفعت أسعار الأغذية بنسبة 1.2% خلال نيسان (أبريل) مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، رغم تراجع أسعارها عالميا لأدنى مستوى خلال خمس سنوات بحسب تقرير منظمة الأغذية والزراعة العالمية (فاو)". وأضاف التقرير: "واصلت أسعار إيجارات المساكن ارتفاعاتها، لتصعد بنسبة 4.2% خلال نيسان (أبريل) 2015، مقارنة بالشهر نفسه من العام الماضي. وعلى أساس شهري، سجل الرقم القياسي العام لتكلفة المعيشة لشهر نيسان (أبريل) 2015، مقارنة بشهر آذار (مارس) 2015، ارتفاعاً بلغت نسبته 0.3% وبلغ الرقم القياسي لتكاليف المعيشة 132 نقطة خلال نيسان (أبريل) 2015، مقابل 129.4 نقطة خلال الشهر نفسه من العام الماضي، و131.6 نقطة خلال آذار (مارس) من العام الجاري كما سجل الرقم القياسي لتكاليف المعيشة لشهر نيسان (أبريل) 2015، مقارنة بنظيره من العام السابق 2014 ارتفاعاً بلغت نسبته 2.0%، وارتفع قسم الترويح والثقافة بنسبة 7.8% متأثراً بالارتفاع الذي سجلته خمس من المجموعات الست المكونة له من أبرزها: مجموعة المعدات الترفيهية الأخرى بنسبة 13.5%، مجموعة عروض العطلات والسياحة بنسبة 12.8%، ومجموعة السلع الأخرى المعدة للترفيه والثقافة بنسبة 11.1%، كما ارتفع قسم الملابس والأحذية بنسبة 3.4%، وارتفعت أقسام السكن والمياه والكهرباء والغاز وأنواع الوقود الأخرى بنسبة 3.1%، وتلاها قسم الصحة بنسبة ارتفاع 3.1%، وقسم التبغ بنسبة 2.7%. ثم قسم الأغذية والمشروبات بنسبة 1.3% ومجموعة الأغذية بنسبة 1.2% وقسما الاتصالات والتعليم بنسبة 0.5%، وقسم النقل بنسبة 0.4%، وقسم السلع والخدمات المتنوعة بنسبة 0.3%، ومجموعة خدمات الفنادق والشقق المفروشة بنسبة 9.2%".

أيضاً نهدي هذه الإحصاءات الموثقة لوزارة التجارة ونأمل أن توضح لنا الأسباب، والحلول التي تقوم بها لوقف هذا العبث في معيشة المواطن والتلاعب في دخله.