أ. د محمد سعيد شحاتة


يعتبر التلوث البيئي من المشكلات المعاصرة التي أصبحت من اهتمامات جميع دول العام، ولذلك تم وضع ضوابط لجميع المنشآت التي تصدر عنها عناصر ملوثة للبيئة تصل إلى إيقاف مثل هذه المؤسسات عن العمل.

هذه الضوابط ليس الغرض منها تقييد تشغيل مثل هذه المؤسسات أو الإضرار بها، ولكن لحماية المجتمعات من الآثار الضارة من هذه الملوثات. فالدراسات العلمية الحديثة تؤكد أن مثل هذه الملوثات تضر بالاقتصاد العام لجميع دول العالم. فالملوثات تضر بالإنسان والحيوان والطيور وكذلك تضر بالمحاصيل الزراعية والمنشآت والمباني. فالاقتصاد العام للدول يتأثر بأكثر من 20% من مجمل الدخل العام. فجميع الأمراض الفتاكة بالإنسان مثل السرطانات فالمصدر الرئيس لها هو مصادر التلوث وليس التدخين فقط، فجميع أنواع عوادم السيارات والمداخن المنزلية والصناعية تخرج للمجتمع آلاف الأطنان من الملوثات الضارة التي تفوق في تأثيرها مئات المرات تأثير التدخين، كما أن هناك ملوثات تخرج من عوادم السيارات ومداخن الشركات الصناعية ذات تأثير سام وخانق، ما أدى إلى كثرة ظهور عدد من الأمراض المستعصية مثل السرطانات وضيق التنفس وحساسية الجهاز التنفسي والجهاز الدوري وأمراض الدم وأمراض العيون والأمراض الجلدية. كما أن التلوث يؤدي إلى انخفاض القوة الإنتاجية لكثير من المحاصيل الزراعية، وكذلك النمو البطيء لمزارع الثروة الحيوانية والطيور. لذا فإن كثيرا من الدول الأوروبية توقفت عن إقامة كثير من الصناعات ذات الأثر البيئي الضار وتلجأ إلى استيراد ما تحتاجه من الخارج أو تقدم منحا ومساعدات للدول النامية في صورة مشاريع مشتركة حتى لا تقيم مثل هذه الصناعات على أراضيها. كما أن جميع الدول المتقدمة تنفق المليارات سنويا في صورة منح مقدمة للجامعات والمركز البحثية لإيجاد الحلول العلمية للمشكلات البيئية. من هذا المنطلق فإن مشكلات التلوث لا يمكن حلها إلا بجهود جميع أفراد ومؤسسات المجتمع، فمصادر التلوث أصبحت كثيرة ولا يمكن منعها ولكن يمكن تقليلها إلى المستوى المسموح به ولا تؤثر في المجتمعات.