تصريح يتكرر قرأته منذ عدة أيام لوزير الماء للمرة المئة أو ربما الألف في الصحف المحلية يؤكد فيه أن لا نية مطلقاً لرفع تعرفة استهلاك الماء.. وكاد الوزير يقول إن هذا لن يحدث أبداً في المملكة مهما حصل.. أي إنه كاد يقول للصحفيين.. لا تدوخوا رأسي.. التعرفة لن ترفع أبداً ولا تسألوني مرة ثانية.. وكان التصريح إجابة على سؤال تكرر طرحه في الأشهر والأعوام الماضية مئات أو ربما آلاف المرات... فلماذا يا ترى يتكرر طرح السؤال على الوزير وتتكرر الإجابة؟

هذا الطرح المتكرر على الوزير لا يحصل عبثاً، بل يحدث كل مرة بعد حصول إشارات أو تصريحات أو إعلانات من وزارة المياه توحي بنية الوزارة أو على الأقل رغبتها أو على الأصح تمنيها زيادة التعرفة، فلماذا يا ترى طالما أنه لا نية لدى الوزارة مطلقاً لزيادة التعرفة تتكرر تلك الإشارات والإعلانات والتصريحات التي توحي بنية الوزارة أو رغبتها في زيادة التعرفة.

يا وزير المياه... طالما أنه لن يتم مطلقاً رفع تعرفة استهلاك المياه فلماذا خرجت علينا وزارة المياه منذ عدة أشهر وما زالت بتلك السلسلة اللافتة من إعلاناتها الضخمة التي تنشرها على صفحات كاملة وبمبالغ مكلفة عنوانها هل تعلم...

لماذا ظلت تنشر الإعلان الضخم بعد الإعلان الضخم الآخر تقول في كل واحد بالخط الأحمر العريض للمواطن المستهلك لمياهها.. هل تعلم وهل تعلم.. تعلِّم فيه هذا المواطن ما يدفعه للوزارة عن استهلاكه للماء وكأنها أعلم منه بما في فاتورته... فتقول له إن ما يدفعه عن كل عشرة آلاف لتر ماء تصل منزله عن طريق شبكة المياه المحلاة لا يزيد عن ريال واحد، وأن ما يدفعه مقابل حمولة سكس كبير من المياه المحلاة لا يزيد عما يدفعه لشركة الاتصالات عن أربع رسائل قصيرة يبعثها في جواله.

لماذا ظلت تنبه هذا المواطن لخطر تصدير الحليب في إعلاناتها.. هل تعلم.. وهل تعلم.. وتقول له إن كل لتر يصدر من الحليب يكلفنا خمسمئة لتر من الماء..؟؟ ما الذي تريده من هذا المواطن أن يفعل بعد أن يعلم كل ما ورد في سلسلة إعلاناتها.. هل تعلم.. وهل تعلم..؟؟

بصراحة.. حيرتني وزارة المياه أولاً.. بإعلاناتها.. ثم بالنفي المتكرر لوزيرها لأي نية حالية أو مستقبلية لرفع تعرفة استهلاك المياه..

إن من يقرأ إعلاناتها اللافتة يفهم منها أنها (أي وزارة المياه) قد كتبت مراراً للمقام السامي ومجلس الوزراء طالبة رفع تعرفة استهلاك المياه وإيقاف تصدير الحليب، وأنه نتيجة لرفض طلباتها وعدم نجاحها في مساعيها لجأت لتلك الإعلانات التي تبلغنا فيها أن ما ندفعه لقاء استهلاكنا لمياهها ملاليم، وأن تصدير الحليب يفقدنا الكثير من المياه التي نحن في أشد الحاجة لها.. عرفنا ذلك.. فماذا تريدين منا أن نفعله يا وزارة المياه..؟؟ أنت طبعاً لا تريدين منا أن نخفض استهلاكنا من المياه لأن هذه الإعلانات لا توحي بذلك، بل توحي بالعكس، أي تغرينا باستهلاك المزيد طالما أن ما ندفعه مجرد هللات... إذن ماذا تريدين منا..؟

أيها الإخوة.. تأملوا الأمر جيداً.. وفكروا.. وخمنوا.. ماذا تريد منا وزارة المياه أن نفعله بإبلاغنا أن ما ندفعه من استهلاكنا للمياه ملاليم.. وماذا تريد منا أن نفعله بإبلاغنا أن تصدير اللتر الواحد من الحليب يكلفنا خمسمئة لتر من الماء..؟؟ ماذا تريد منا بافتراض أنها كتبت للجهات العليا طالبة رفع التعرفة وإيقاف تصدير الحليب ولم تحصل على الموافقة على ذلك...؟؟ هل تريد منا أن نتظاهر مطالبين برفع تعرفة استهلاك الماء وبإيقاف تصدير الحليب لنساعدها في تحقيق ما لم تستطع تحقيقه..؟ هل تريدنا أن نتظاهر تأييداً لها..؟؟