ظاهرة الكتابة على الجدران كادت تنقرض، تحولت إلى فن يمارسه القلّة من الموهوبين، حتى إنهم أعطوه اسم دلع "الجرافيتي"، السبب في ذلك هو اختراع الجدار الكبير المسمى "تويتر"، هنا يمكن أن "تشخبط" هواجسك وأحلامك، وحتى كوابيسك دون عناء، دون أن تغضب صاحب الجدار الذي كنت تشوّهه بكتاباتك الطفولية، لأن الجدار الجديد بلا صاحب! أو - في الحقيقة - له صاحب يكسب المليارات من "شخبطاتك"، الكتابة على جدار الحارة كانت حكرا على أشقياء صغار، يفعلونه وهم يتوجسون خيفة من أن يلمحهم كبير، أو يشي بهم صديق، أما العقلاء والكبار فكان عليهم أن يدفنوا "شخبطاتهم" في نفوسهم، أو "يثرثروها" فيفوتهم سحر الحروف، وربما كانوا يحاربون أولئك الأشقياء غيرة منهم بحجة الخوف على الذوق العام، لمّا صار العالم هو "حارتنا" صار "تويتر" هو جدار هذا العالم، الكل مرّ من هنا وقال كلمته، ترك شيئا من نفسه، الكثيرون صاروا يبدؤون يومهم بالمرور عليه، ليروا من قال.. وليعرفوا ما الذي يجري حولهم، وكيف يقيّم الآخرون ما حدث!
هو ملاذك إن أردت أن تشارك وجدانيا، أو تتعاطف، لتعلن عن حب، أو غضب، أو رغبة دفينة، باسم صريح، أو مستعار، لتقول كلمتك في كل شيء، وأحيانا في لا شيء، وهو شباكك إن أردت أن تصطاد في الماء الصافي أو العكر!
كم هو خطير حين يتسلقه القتلة والإرهابيون واللصوص، وكم هو رائع حين يفيض بمشاعر ملايين الأسوياء، يدينون الغدر والخسة والخيانة.. كما حدث بعد جريمة القديح الإرهابية.