لا توجد مدرسة أكثر براعة من "البلاي ستيشن" في تلقين العنف للأطفال، وتدريبهم عليه بطرق سهلة ومسلية وعالية الاحترافية، ورسوم جرافيك ثلاثية الأبعاد تجعل من الطفل قاتلا محترفا، متلذذا مستمتعا بعمليات الإبادة التي يقوم فيها بدور البطل الخارق، يحصد النقاط، ويعزز من إعجابه بنفسه، من يستطع أن ينافس مدرسة مثل هذه؟
كنا قبل سنوات نحذر من أفلام العنف التي تصدرها "هوليوود"، واليوم نقول "الله يحللهم" أمام هذه الألعاب التفاعلية التي لا تكتفي بمجرد مداعبة خيال الطفل كما فعلت أفلام "هوليوود"، لكنها تجعله شريكا فعليا وشعوريا في العمليات. يتدرب على قتل مشاعر التعاطف في داخله قبل قتل خصومه الكرتونيين، الذين يصبحون عاما بعد عام أكثر شبها بالإنسان الحقيقي، يتدربون ويتعلمون كما يتعلم الطيارون على جهاز "سميليتر" قبل أن يقلعوا بطيارات حقيقية في السماء!
لذلك، وجب أن نوجه الشكر إلى لجنة النقل والاتصالات وتقنية المعلومات في مجلس الشورى، بعد أن أعلنت هذا الأسبوع عن مشروع جديد لمراقبة هذه الألعاب الإلكترونية للحفاظ على سلامة الأطفال والمراهقين الصحية وسلامة أفكارهم وسلوكياتهم المستقبلية، فقد فرض النظام المقترح عقوبات ضد المخالفين من بائعي هذه الألعاب والمروجين لها تتضمن الغرامة والسجن، أتمنى أن يتم تفعيل هذا القرار في أقرب وقت، وتطبيقه بشدة وحزم، فهذه المدرسة الخطرة لا يجب الاستهانة بها، فهي مثيرة، تفاعلية، تستخدم أخطر التقنيات وأقربها إلى النفوس، تغرس في نفس الطفل مشاعر عدائية، ورغبة في القتل والتدمير. لا توازيها أي مدرسة أخرى للإرهاب.