كتبنا في المقال السابق عن مشروع الأمير محمد بن نايف لمحاربة الإرهاب الذي بدأ مطلع العقد الماضي، وكيف عملت وزارته كل ما عليها في ذلك، لكن ظل قصور يطال العمل من جراء أننا لم نساعده في مشروعه وفي مواقع مهمة ومساندة، وبدأنا بالخذلان الأكبر وهو التعليم ونتاجه، وظل لدينا جانبان اثنان مهمان: المجتمع والإعلام، وإن كانت كل الثلاث مترابطة مع بعضها وكل يؤثر أو يؤسس للآخر.

فالمجتمع والفكر المجتمعي الذي يستقي توجيهه من المدرسة والبيت والداعية وخطيب الجمعة والإعلام، بات يعاني بشكل كبير، ليس إلا أن المتداخلات فيه مؤثرة جدا إلى درجة أنه لا يستطيع فكاكا منها، وبلا شك فحينما يوغل الخطيب بالدعاء بالموت والتدمير على كل من يختلف عن طائفته، فالأكيد أن الشاب الصغير الحاضر سيستملح فكرة الموت للآخرين، ومن ثم لا بأس أن سمع بها لأنها ستفرحه، والطامة أن يرتقي لكي يقوم هو بها تجاه من غرس فيه أنهم الأعداء، حتى لو كانوا أصدقاء أو مسالمين.

نعود إلى ما بدأنا به، فهذا الفكر تطور لدينا وتبنته أكثر وسائل التواصل، وبدأ أننا حقيقة أمام النكتة عن الاثنين اللذين بلغ التجاذب بينهما حتى لم يبق مؤمنا وأقرب إلى دخول الجنة من هذا العالم كله إلا أحدهما.. لذا بدأت خطورة أن يكون ليس كل مسلم مسلما، بل إن شروطا وقياسات لا بد أن تتوافر وإلا هو عدو وجب قتله، حتى لو كان أخا أو قريبا، ويا لفداحة ما بلغناه.

ينشأ الطفل السعودي في الأسرة التي يمتزج بكل ما هي عليه طباعها وعاداتها وسلوكها، تتبناه ثقافيا على ما تريد هي، ومن أهم المقومات لكثير من الأسر أن ثقافة الحوار لديها ليست موجودة .. صح/ خطأ .. حلال/ حرام ، وليس من حقه أن يستخدم عقله أو أن يختار ما يشاء، وكثيرا ما ينشأ على التعصب وفق مفاهيمه المختلفة وما تتبناه الأسرة، فإما التعصب للقبيلة أو المنطقة ولا ننسى ما لفريق كرة القدم، أو بها جميعا حتى بات تمني إخفاق الآخر وكرهه من المسلمات، ولكن النصيب الأكبر الذي لا لبس فيه أكثر وأكثر فهو للطائفة واحتقار وتمني موت كل ما عداها.

يتحول بيولوجيا وفكريا بما غرس فيه أسريا ليجد من يحتضنه في التعليم، ومن ثم مجتمعيا وعبر وسائل التواصل وبالطبع في كلها يغيب الحوار والتساؤل، فتلك حقائق لا يجب أن يحيد عنها، ودون زعل فإذا ما أدركنا أن مجتمعنا يميل إلى التسلط من صفاته تنمية التبعية والسماح بالقمع الفكري، هنا علينا أن نعترف بقصورنا وضعف أدوات الحوار لدى مجتمعنا، وسيطرة الفكر الأحادي المغلق، وعليه فنحن نفتقد أدنى درجات الحوار، ولا نقبل النقد الموضوعي البناء، هنا نؤمن أن مثل ذلك من أكثر المؤديات إلى التطرف ورفض الآخر.

الأهم في القول إننا ومع عدم مواكبتنا للمتغيرات مجتمعيا لك نساعد الأمير الوزير محمد بن نايف، على مكافحة الإرهاب، بل أسهمنا دون أن نشعر بتقديم أبنائنا جاهزين ليستوعبوا الفكر المتطرف، ولا بأس إن كانت أعمارهم مبكرة على ذلك.