منذ إعلان الحوثيين وحلفيهم الرئيس اليمني السابق علي صالح التمرد ضد الشرعية الدستورية في البلاد، وإعلانهم الحرب ضد المدنيين والأبرياء، انقسم الجيش اليمني إلى ثلاثة أقسام، الأول موالٍ للحوثيين وللرئيس السابق صالح، واختار الثاني الوقوف على الحياد، فتركوا معسكراتهم وفضلوا العودة إلى منازلهم، فيما قرر القسم الثالث الوقوف إلى جانب الشرعية.

وأدت سيطرة الحوثيين على مقاليد السلطة في البلاد وعلى المؤسسات الرسمية والمالية منها بشكل خاص، إلى تجميد قدرة الحكومة الشرعية على صرف رواتب موظفيها في القطاعين الأمني والعسكري والمدني. وخلال الأشهر الثلاثة الماضية عجزت الحكومة عن دفع رواتب جنودها، فيما تكفل الحوثي بدفع رواتب الجنود الذين قاتلوا إلى جواره.

وفي بلد مثل اليمن تشكل البطالة فيه النسبة الأعلى في الشرق الأوسط، و يبلغ معدل التضخم فيه 10.4% ويبلغ متوسط دخل الفرد فيه نحو 1250 دولار سنويا -وفقا لتقارير البنك الدولي- فإن فكرة تقبل عدم صرف الرواتب تعد ضربا من المستحيل، كونها مصدر الدخل الوحيد والأساس لتوفير الغذاء لغالبية السكان، وهذا الأمر الذي يبدو أن الميليشيات الحوثية انتبهت إليه وبدأت بتوفير تلك الرواتب، فقط لمن اختار العمالة لمصلحتها ولم يقف إلى جانب الشرعية، ليظل مقاتلو المقاومة سواء كانوا من الجيش أو من الموظفين المدنيين أو من الشباب الذين انخرطوا في صفوفها بدون رواتب أو أي مصدر دخل، طيلة الأشهر الثلاثة الماضية. ويشرح أحد مقاتلي المقاومة الوضع إلى "الوطن" قائلا: "أقاتل منذ نحو ثلاثة أشهر في الجبهة الشمالية بعدن، تاركا أسرتي وأطفالي بدون مال أو غذاء ولا أعرف كيف يعيشون، منذ ثلاثة أشهر لم تقدم لي الحكومة أي شيء، ولا أعرف إلى متى سأستمر في هذا الوضع".

وكانت مصادر في وزارة المالية اليمنية التي يسيطر عليها الحوثيون أكدت إيقاف صرف رواتب جميع العسكريين والمدنيين الذين انخرطوا في المقاومة الشعبية.

بدوره، ناشد قائد اللواء 33 مدرع بمحافظة الضالع العميد علي مقبل صالح الذي عينه الرئيس هادي أخيرا في قيادة اللواء، القيادة السياسية الشرعية سرعة تقديم الدعم اللازم لمقاتلي المقاومة وتوفير مرتبات الجنود والضباط التي تم توقيفها من المتمردين بصنعاء.

من جانبه، قال المتحدث باسم المقاومة الشعبية في عدن عبدالسلام عاطف جابر إن عدم قيام القيادة السياسية بتوفير مكافآت مالية للمقاتلين يسهم في إحباط عزائمهم القتالية، كونهم ينشغلون كثيرا بالتفكير في مصير عائلاتهم التي باتت تعاني الجوع، وتعيش بدون أي مصدر دخل توفر منه حاجاتها. وحذر المتحدث باسم المقاتلين من أن عددا كبيرا من الضباط والجنود الذين التزموا الحياد خلال الفترة الماضية اضطروا إلى العودة لمعسكراتهم تحت قيادة الميليشيات الحوثية، خصوصا في مناطق تعز، وإب، والبيضاء، وذلك لأن الحوثيين هم من يصرفون لهم رواتبهم ومستحقاتهم المالية.

ويقول مراقبون إن على الحكومة الشرعية إدراك أن الوضع الداخلي المؤيد لها على وشك الانهيار في ظل عدم قيامها بتوفير أي موارد مالية لمقاتليها، أو حتى القيام بعمليات إغاثة حقيقية للمتضررين والنازحين والمشردين في المناطق الموالية لها.