عروس رمضانية تنقل طوابير الناس من أروقة المؤسسات الحكومية، وأماكن العمل والزحام، إلى أزقة الأحياء الشعبية، والشوارع الضيقة، تجدهم مصطافين في تنظيم مميز، يشرف عليهم "معلم" تكفي نظراته لتذكير من تجاوز مكانه ألا نصيب له مما يريد إلا بأن يكون مثل الآخرين، "جرة فول"، هي تلك العروس التي تُعدّ ساعات الأصيل الرمضانية الوقت الأبرز في الطلب عليها طوال العام.
وتشهد محال الفول في مختلف مدن المملكة توافدا كبيرا من الصائمين الحريصين على وجود هذه الوجبة على سفرهم خلال هذا الشهر، ولا يقتصر هذا الأمر على الفقراء بل أصبح الأثرياء يعدون هذه الوجبة جزءا أساسا من سفرة الإفطار في هذا الشهر، ويضطر بعضهم للوقوف في تلك الطوابير لعدم توافر هذه الوجبة إلا في أماكن محددة ومخصصة لبيعه، وتشتهر به محال مخصصة يتوافد إليها الصائمون من أماكن بعيدة، فما ينظر البعض بأنه "لحم الفقراء" تعدّ -كما تقول دراسات صحية- بأنه طبق السعادة، لاحتوائه على مكونات تساعد على تحفيز مشاعر البهجة، وتحسين المزاج، وتحقيق قوة الأداء، والتقليل من سرعة الشعور بالإجهاد والتوتر.
ويتراوح سعر طبق الفول من ثلاثة إلى خمسة ريالات بالإضافة إلى الطلبات الملحقة مثل الخبز الذي يعد خبز التميس هو أشهر نوع فيها، وكذلك الزيت أو السمن الذي يباع بكميات صغيرة إلى جانب الفول، ويقول عبده اليماني، أحد العاملين في تلك المحال، إن كثافة الإقبال في شهر رمضان تأتي نظرا لقصر الوقت الذي في الغالب لا يتجاوز ساعتين قبل أذان المغرب، ولا يعود أحد إلى تناول هذه الوجبة بعد الإفطار إلا نادرا، لذلك تكتفي محال الفول بالعمل تلك الساعتين ثم تغلق أبوابها، مشيرا إلى أن المحال تكسب تقريبا ضعف ما تكسبه خلال الأيام العادية.
ويضيف عبده أنه لا يعلم سر الإقبال على الفول في رمضان، ويقول إنه ربما كان أمرا يعود إلى العادة التي اكتسبها السعوديون من المصريين أو السودانيين الذين اشتهروا بتناول هذه الوجبة، ويقول إن جرة الفول الواحدة قد تدخل ما مقداره 300 ريال.
من جهة أخرى، أكد الدكتور نبيل عبدالله المتخصص في التغذية أن الفول غنّي بالعناصر الغذائية المفيدة للإنسان كالبروتينات، والفيتامينات، والأملاح المعدنية، ويقاوم التوتر والإجهاد الذي يصيب الجسم، ومفيد للقلب إذ يزيد مستوى الكوليسترول الجيّد في الدّم، ويعمل على خفض ضغط الدّم لدى النساء في مرحلة سن اليأس، ويحافظ على مستوى السكر في الدم بسبب بطء هضمه، ويشير إلى أن خلط الفول بالبصل، والطماطم، والثوم، وزيت الزيتون، والطحينة، يعطي الجسم كل ما يحتاجه من العناصر الغذائية المفيدة له.
وحذر الدكتور نبيل من تناول الفول قبل النوم، ومن تعبئته في العبوات البلاستيكية وهو ساخن، لأن بعض المركبات الكيميائية العضوية السامة تنتقل من البلاستيك إلى الفول بعد مضي 30 دقيقة، ناصحا بتعبئته في عبوات من الألمنيوم أو المعدن.