تضع اللجنة الإشرافية على سوق عكاظ التي يترأسها مستشار خادم الحرمين الشريفين أمير منطقة مكة المكرمة الأمير خالد الفيصل، نصب أعينها الاستفادة من السوق في تحقيق عوائد اقتصادية مجزية للمجتمع المحلي في القرى المحيطة بموقع السوق، أو في عموم محافظة الطائف، إذ أكد الفيصل أن "سوق عكاظ ليست شعرا فقط بل تجارة واقتصاد".

وفيما أُعلن أمس عن أسماء الفائزين بجوائز سوق عكاظ في نسختها التاسعة، والبالغ إجمالي قيمتها 1.380 مليون ريال، أكد أمير مكة المكرمة أن اللجنة الإشرافية شرعت في إطلاق أكاديمية عكاظ للشعر العربي التي تم الإعلان عنها، وأنه تم نقاش مسؤولية الإشراف على تأسيسها وإدارتها مع وزير الثقافة والإعلام. وذهبت جائزة شاعر عكاظ للعراقي هزبر محمود من مدينة كركوك، فيما ذهبت جائزة شاعر شباب عكاظ للسعودي حسن طواشي من مدينة جازان.




 


بكلمات موجزة، أعلن مستشار خادم الحرمين أمير منطقة مكة المكرمة رئيس اللجنة الإشرافية لسوق عكاظ الأمير خالد الفيصل أن طموحه في تطوير السوق لن يتوقف، وأن هذا الطموح سيجعله يبحث دائما عن الجديد وأنه حينما يصل مرحلة الرضا التام سيعني ذلك توقف طموحه عن البحث عن الأفضل.

وقال الأمير خالد ردا على سؤال عما إن كان راضيا عما يقدمه سوق عكاظ للشعر والفنون "إن كنتم تنتظرون رضائي فهذا لن يحدث أبدا".

وعرج الأمير خالد الفيصل للإنجازات التي حققها السوق بين عامي 1428 و1436، وقال "بدأ السوق بجائزة واحدة هي شاعر سوق عكاظ، وهو اليوم حاضن للمبدعين في شتى المجالات الثقافية، بدءا من الشعر والتصوير والفن التشكيلي والخط العربي والحرف اليدوية والفلكلور الشعبي، بما مجموعه ثماني جوائز تعد اليوم واحدة من أهم الجوائز التي يسعى المبدعون للمشاركة والمنافسة فيها"، مشيرا إلى أن سوق عكاظ قدم حتى اليوم أكثر من 65 مبدعا في الشعر والتصوير والفن التشكيلي والخط العربي والتميز العلمي من داخل المملكة وخارجها، تم اختيارهم ضمن أكثر من 2340 متقدما للمنافسة على الجوائز، كما قدم سوق عكاظ أكثر من 280 مبدعا "70 فائزا سنويا" في الحرف اليدوية التي تبنتها الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني عام 1432 من خلال البرنامج الوطني للحرف والصناعات اليدوية "بارع"، موضحا أن مجموع قيمة الجوائز المادية التي حصل عليها الفائزون خلال ثماني سنوات أكثر من 8 ملايين ريال.


برنامج ثقافي

وتناول الأمير خالد الفيصل ما حققه البرنامج الثقافي في السوق، وهو عبارة عن مجموعة من المحاضرات، والندوات، والأمسيات الثقافية والأدبية والعلمية، بمشاركة نخبة من المثقفين والأدباء والمفكرين والشعراء السعوديين والعرب، فضلا عن أمسيات شعرية لشعراء سعوديين وعرب، وحوارات مع مجموعة من المؤلفين لعرض تجاربهم في التأليف والكتابة، وقد استضاف البرنامج خلال السنوات الماضية أكثر من 205 مثقفين.


تطوير

وتحدث الأمير الفيصل عن التطورات التي سيشهدها السوق في الأعوام الخمسة المقبلة، مشيرا إلى أنه تم تشكيل فريق عمل لتطوير برامجه وأنشطته برئاسة الدكتور بريكان الشلوي، وهذا الفريق بدأ بتنظيم ورش عمل في الطائف مع رؤساء الأندية الأدبية وسيجتمعون مرة أخرى عند الافتتاح، إضافة إلى برنامج المساجلات الشعرية، وهو عبارة عن منافسة لاحتضان مواهب الشباب الشعرية باللغة العربية الفصحى. كما نفذ فريق العمل ورش عمل مع المسرحيين والفنانين التشكيليين والإعلاميين للتعرف على رؤيتهم لمستقبل السوق لتتم صياغة خطة تطويرية بالمشاركة مع الجميع، موضحا أن اللجنة الإشرافية ستطلق أكاديمية عكاظ للشعر العربي التي تم الإعلان عنها، وقد ناقشت مع وزير الثقافة والإعلام مسؤولية الإشراف على تأسيس الأكاديمية وإدارتها وبمشاركة الجهات ذات العلاقة.

وأوضح أن فكرة الأكاديمية أن تكون متخصصة بالشعر العربي الفصيح وتنهض بدراساته وأبحاثه بدءا من جمع وتدوين وتحقيق الموروث منه في المخطوطات المحفوظة محليا ودوليا ونشر مؤلفات شعرية من دواوين وأبحاث بوسائل النشر المختلفة، علاوة على تنظيم الأنشطة والبرامج الشعرية كالندوات والمسابقات والمحاضرات والملتقيات الأدبية، ليصبح عكاظ المرجعية العربية الأقوى في الشعر، يحتفى فيه بأهم الأصوات الشعرية العربية الكبيرة، ويهتم بالترجمات الشعرية، ويحتضن الشعراء الشباب، ويقيم المسرحيات الشعرية. وقال "بطبيعة الحال، سنستفيد من التجارب العربية والدولية في إنشاء الأكاديميات التي تهتم بالشعر ومن أشهرها أكاديمية الشعر في أميركا والنمسا ومصر وأبوظبي".


مستقبل

وحول المستقبل، قال "منذ تسلمي إمارة منطقة مكة المكرمة بدأنا في الإمارة إعداد خطة تنمية استراتيجية للمنطقة، فكرتها الأساسية تنمية الإنسان والمكان على حد سواء، ولذلك جاء سوق عكاظ كواحدة من المبادرات العملية المطبقة على أرض الواقع لتنمية الإنسان معرفيا وثقافيا وعلميا وفنيا وتراثيا، إلى جانب مبادرات أخرى لرعايته صحيا واجتماعيا واقتصاديا".

مضيفا "نتطلع إلى أن تكون سوق عكاظ جزءا من أجزاء كثيرة تنتشر على امتداد البلاد العربية والإسلامية، تسهم جميعها في تحقيق نهضة حضارية حقيقية تنتج الإنسان "القوي الأمين"، قويا بعلمه وثقافته وتمكنه العلمي في كل ما يعمل، مدربا بشكل جيد، ماهرا فنيا، متعافيا ولائقا بدنيا، وقادرا على أداء مهماته بإتقان، وأمينا بإتقانه وتقواه وصدقة وأمانته وتفانيه وتعاونه وإيجابيته وتفهمه وتحمله المسؤولية، وبفكره الوسطي ومبادراته ومشاركته الاجتماعية وطموحه وتفتحه الذهني".

وأضاف "نعمل لجعل سوق عكاظ صورة مشرقة للنهضة الحضارية التي تعيشها المملكة في المجالات الاجتماعية والعلمية والاقتصادية، وهي نهضة تخطو خطوات ثابتة لنقل مجتمعنا السعودي إنسانا ومكانا إلى "العالم الأول"، بالتمسك بالثوابت الدينية من جهة والانفتاح على العلوم والمعارف الجديدة"، مشيرا إلى أنه منذ عام 1432 أدرج برنامج تحت مسمى "عكاظ المستقبل"، تحقيقا للهدف الاستراتيجي الثالث لسوق عكاظ، الذي يؤكد على أهمية دعم وتشجيع التميز العلمي في ضوء اتجاهات البحث العلمي والتطور المعرفي والتطبيقات التكنولوجية المعاصرة التي استحوذت على الاهتمام على كل المستويات في معظم دول العالم.

ويتضمن هذا البرنامج محاضرات وندوات وأمسيات علمية، تتناول مواضيع متنوعة من بينها محاضرة عن نقل المملكة إلى مجتمع المعرفة عبر الخطة الوطنية للعلوم والتقنية، وندوات أخرى تعنى بالتعريف بتقنية النانو وجهود المملكة في الاستفادة منها، ومناقشة واقع البحث العلمي في العالم العربي، إلى جانب تكريم المميزين والمبدعين علميا، وتنظيم معرض "الإبداع والابتكار".


تجارة واقتصاد

وأوضح الأمير خالد الفيصل "أن سوق عكاظ ليست شعرا وثقافة فقط بل تجارة واقتصاد، سنركز على تحقيق عوائد اقتصادية مجزية للمجتمع المحلي من خلال المبادرات والأفكار الجديدة للغرف التجارية والصناعية، سواء في القرى المحيطة بموقع السوق أو في عموم محافظة الطائف، من خلال دعم قطاع السياحة في محافظة الطائف، وتوفير فرص العمل للشباب، ومساعدة الحرفيين والأسر المنتجة والمزارعين على تسويق أعمالهم ومنتجاتهم على الزوار"، مشيرا إلى أنه في الجانب التسويقي والجذب للجمهور فإن اللجنة الإشرافية للسوق تعمل جاهدة وعبر الأمانة العامة واللجنة الإعلامية وبالتنسيق مع وزارة الثقافة والإعلام وبقية الشركاء، للإعلان عن السوق في مختلف وسائل الإعلام المحلية بما فيها التلفزيون والإذاعة والصحف المحلية على التعريف بما سيقدمه السوق لزائريه.


خروج عن النمطية

وردا على سؤال حول قدرة سوق عكاظ على الخروج من نمطية الفعاليات الثقافية، قال الأمير خالد الفيصل "القائمون على البرامج يقيمون سنويا البرامج والنشاطات، بحيث لا تقع سوق عكاظ في ذلك".

ورفض الأمير خالد الفيصل أي مخاوف من أن تتحول سوق عكاظ إلى مجرد إعادة إنتاج الماضي وقولبته، وقال "نحن لا نريد أن تنحصر السوق على التراث، بل هي ظاهرة حضارية علمية وتراثية، لن يبق الشعر سمة سوق عكاظ"، مشيرا إلى أن السوق ستظل عربية فكرا ورأيا وتأثيرا، وذلك في رد على سؤال حول انفتاح سوق عكاظ على الثقافات العالمية المختلفة.