المراسل الميداني هو البطل الحقيقي في العمل الصحفي، والجندي الحقيقي الذي يصل إلى مكان الحدث، ويطرق الأبواب المؤصدة، ليقتنص الحقيقة التي لا يمكن أن تقدم في صورتها الكاملة إلا من خلال هذا المراسل الذي غالبا ما تعتمد عليه صحيفته اعتمادا كبيرا في البحث عن الحقيقة، بل إن كل المراحل التي تمر بها القصة الصحفية حتى تكون بين يدي القارئ مبنية على جهد ذلك المراسل الميداني.

ورغم هذا الدور الكبير للمراسل الصحفي الميداني، إلا أن جلّ المؤسسات الصحفية لا تزال تتعامل معه على أنه كائن بسيط ليس له من الحقوق شيء، فهو وإن كان عنصرا أساسيا لديها في العمل الميداني، إلا أنه يأتي ثانيا وربما ثالثا بعد موظفي المؤسسة الذين تكون مهمتهم إكمال الدور اعتمادا على جهد المراسل.

أتحدث هنا عن المراسل المتعاون الذي ينهي ساعات عمله الأساسي، ثم يقتطع من وقت راحته وأسرته لممارسة العمل الصحفي، فتجده يجتهد ويجاهد من أجل صحيفته، وغالبا ما يتفوق على بعض الصحفيين الرسميين الذين ينظر بعضهم إلى الصحافة على أنها وظيفة، بينما صديقنا المتعاون ينظر إليها على أنها هواية

كثير من الصحفيين المتعاونين جاؤوا إلى المهنة هاوين، وكان يُفترض على المؤسسات الصحفية أن تؤهلهم لهذه المهمة، ولكن ما يحدث العكس، فكثير منهم قضوا وقتا طويلا وهم لا يعرفون عن "استايل بوك" صحفهم شيئا، ولم تكلف مؤسساتهم الإعلامية نفسها بتدريبهم على ذلك أو حتى تزودهم به مطبوعا، وما يعتمدون عليه في ممارسة العمل الصحفي هو مبدأ المحاولة والخطأ، حتى إن كثيرا منهم تجاوز العقبات كافة، وتعلم ذاتيا وأبدع، وأصبح اسما لامعا في الوسط الإعلامي التي باتت تعتمد عليه أكثر من صحفييها الرسميين الذين لا تربطهم بالمؤسسة سوى ساعات الدوام.

من عهدة الراوي:

ما يقلق كثيرا من الصحفيين في مؤسساتهم الصحفية هو الأمان وبخس الحقوق، خاصة أن هيئة الصحفيين التي ولدت متوفاة لا تكفل لهم الحماية، فلماذا لا توقع المؤسسات الصحفية عقودا احترافية مع صحفييها البارزين لتضمن ولاءهم وتعطيهم الأمان؟