في مؤشر يؤكد تدهور الأوضاع داخل المؤسسة العسكرية اليمنية التي عرفت في السابق برسوخها، قبل أن يجنح الرئيس المخلوع علي عبدالله صالح إلى تعمد إضعافها وتحويلها إلى ما يشبه المؤسسة العائلية الخاصة به وبأسرته فقط، بدأت جماعة التمرد الحوثي في ارتكاب فضيحة عسكرية جديدة، حيث ضمت عددا من قادتها المدنيين للجيش، ومنحتهم رتبا قيادية عليا، لا تمنح إلا لمن يقضي سنوات طويلة داخل المؤسسة، ويتدرج بعد سنوات طويلة من العمل والدورات التدريبية حتى ينالها.

وأكدت مصادر صحفية داخل العاصمة صنعاء، أن زعيم التمرد، عبدالملك الحوثي منح عشرات الرتب العليا لقادة منضوين في صفوف ميليشيات الحركة المسلحة، ضمن جملة قرارات غير قانونية ومخالفة للتقاليد والأنظمة العسكرية.

حيث أصدرت ما تسمى بـ"اللجنة الثورية العليا" التي تتولى مهام السلطات العليا في البلاد 90 قررا يتضمن منح عشرة أشخاص رتبة لواء، وعشرة آخرين رتبة عميد، فيما تم تعيين 70 آخرين برتبة عقيد.

ومع أن قوانين الخدمة العسكرية في معظم الدول تمنح مثل هذا الحق حصريا لرئيس الجمهورية، إلا أن العادة جرت أن يتقيد الرؤساء بمعايير محددة، منها حاجة المؤسسة العسكرية للرتب العليا، وعدد أفراد الجيش، وعدد الألوية العسكرية التي يضمها، قضاء الضابط المعني للفترة المقررة قبل ترقيته إلى الرتبة الجديدة، وحصوله على الدورات الخاصة بالترقيات، واجتيازه لامتحانات تسبق كل رتبة، وغير ذلك من المعايير.

وأشارت المصادر إلى أن غالبية المتمردين الحوثيين الذين تم منحهم هذه الرتب العسكرية يتولون مناصب قيادية في الجماعة المسلحة، ولم يسبق لهم أن التحقوا بقوات الجيش أو أجهزة الأمن على الإطلاق، ولم يتولوا أي منصب عسكري. ومن هذه القيادات رئيس ما يسمى بـ"اللجنة الثورية العليا"، محمد علي الحوثي، وعبدالله يحيى الحاكم، وهو أحد القادة الميدانيين للمتمردين، وسبق أن فر من السجن المركزي عقب اتهامه بالتورط في ارتكاب جريمة جنائية، وهو أحد الذين شملتهم عقوبات مجلس الأمن، وحمزة الحوثي، الذي برز أخيراً كممثل للانقلابيين في المفاوضات والحوارات السياسية التي تجريها مع الأطراف الأخرى، إضافة إلى القائدين الميدانيين للجماعة، اللذين تزعما جبهات القتال إبان الحروب الست في صعدة ضد الجيش اليمني، يوسف المداني، ويوسف الفيشي. ولقيادي الحوثي طه المتوكل، أحد الذين يتلقدون منصباً في اللجنة وخطيب أحد مساجد الحوثيين في العاصمة صنعاء.

وكانت الجماعة الانقلابية قد أعلنت تعيين يوسف وطه المداني، وعبدالله الحاكم أعضاء في ما يسمى بـ"اللجنة الأمنية والعسكرية"، عقب إذاعة "الإعلان الدستوري"، وظهر هؤلاء القادة أثناء حضورهم الاجتماع بالزي العسكري للمرة الأولى.

وقال المحلل السياسي ناجس السامعي في تصريحات إلى "الوطن" إن الخطوة الحوثية الأخيرة تؤكد سعي الجماعة للسيطرة على مقاليد الأمور أكثر فأكثر، وأضاف "هذه قرارات باطلة لا تساوي الحبر الذي كتبت به، وأضاف "أغلب الذين منحوا هذه الرتب العسكرية هم من المطلوبين على ذمة قضايا جنائية، وارتكب غالبيتهم جرائم بحق عناصر في الجيش الذي يحاولون الانتساب إليه وقيادته، لذلك فإن ما أصدروه من قرارات ليست له قيمة فعلية". وكانت قيادة الجيش الجديد الذي يجري إعادة تنظيمه وهيكلته قد أعلنت بوضوح أمس على لسان نائب رئيس هيئة الأركان، اللواء سيف الضالعي، أنه لا مكان لضباط الجيش السابق الذين لا يوالون المخلوع في المؤسسة العسكرية الجديدة، ناهيك عن قيادات ميليشيات الحوثي، الذين لم يلتحقوا أصلا بسلك العسكرية ولم يتشربوا مبادئها. 




.. والمقدشي: المقاومة اعتمدت الحل العسكري


كشف رئيس هيئة الأركان العامة في الجيش اليمني، اللواء محمد المقدشي، أن المقاومة المسلحة في اليمن في طريقها إلى اعتماد الحل العسكري، كأسلوب وحيد للتعامل مع الإرهابيين الحوثيين، في الوقت الحالي على الأقل.

مؤكداً أن كل الدلائل الميدانية تشير إلى أن نهاية الميليشيات الحوثية وصالح باتت وشيكة، وأن كتائب الثوار المدعومة بقوات الجيش الموالي للشرعية الدستورية في طريقها إلى تحقيق الحسم العسكري، وهو ما سيقلب المعادلة القائمة في البلاد. وقال المقدشي في تصريحات صحفية إن بوادر النصر بدأت تلوح في الأفق، لاسيما في محافظة لحج، حيث اقتحمت المقاومة بالأمس كل مواقع المتمردين حول عاصمة المحافظة، مدينة لحج، التي دخلتها وأعلنتها خالية من التمرد. كما تجري الاستعدادات النهائية لاستعادة قاعدة العند العسكرية.

ومضى المقدشي بالقول "تم إحكام السيطرة على مديريات عدن كلها، وإن كانت هناك ثمة جيوب صغيرة لا تزال متبقية للمتمردين، لكنها لا تمثل تهديداً، والانقلابيون يتعرضون لعملية استنزاف يومية، جراء ضراوة المقاومة الشعبية في كل من الضالع ومأرب وتعز".

ونوه اللواء المقدشي بالدور المحوري الذي أسهمت به دول التحالف العربي بقيادة المملكة في إعادة الأمل للشعب اليمني بإمكانية الخلاص من الانقلابيين واستعادة مسار الاستقرار المنشود، مشيراً إلى أن عاصفة الحزم قلبت الموازين ومثلت صفعة مدوية للانقلابيين.