يبدو أن دول العالم تقف على عتبة دورة اقتصادية جديدة، مع بدء العد التنازلي لموعد رفع أسعار الفائدة الذي حدده البنك المركزي الأميركي شهر سبتمبر المقبل، في ظل تراجع اقتصادات ناشئة، وتضخم الاقتصاد الصيني، وضعف نمو منطقة اليورو، حيث بدأت ملامح هذه الدورة تتضح متمثلة في انخفاض اليورو مقابل الدولار، وهبوط أسواق الأسهم الأوروبية أمس.

حالة النمو

وتتفق آراء اقتصادية استطلعتها "الوطن" أمس، على أن قرار رفع سعر الفائدة الأميركي عزز من حالة النمو التي يعيشها الدولار مقابل الاقتصادات الأخرى التي ما زالت تعاني من ركود لازمها على مدى عامين ماضيين، حيث تترقب الأوساط الاقتصادية العالمية توجه رؤوس الأموال إلى أميركا بفعل هذا القرار الذي يعد أول زيادة منذ عشر سنوات في سعر الفائدة. المحلل الاقتصادي الدكتور بندر العبدالكريم أرجع في حديثه إلى "الوطن" أسباب تراجع اليورو أمام الدولار، وهبوط أسواق الأسهم الأوروبية أمس، إلى القرار المرتقب تنفيذه في أميركا برفع الفائدة، معتبراً أن هذا القرار سيدفع بتوجه رؤوس الأموال إلى أميركا، حيث يسهم رفع الفائدة في الاستثمار بالاقتصاد الأميركي نظراً لما يتضمنه القرار من عائد أفضل ومخاطر أقل.

هجرة محدودة

وقال الدكتور العبدالكريم إنه على الرغم من أن وضع الاقتصادات العالمية غير مستقر، إلا أنه استبعد أن تكون هناك هجرة أموال لأميركا، إذ قال إنها ستكون محدودة.

من جانبه يتفق المستشار الاقتصادي الدكتور يوسف الزامل مع ما ذهب إليه العبدالكريم، مضيفاً أن حالة ضعف النمو التي تمر بها منطقة اليورو تعزز أيضاً من توجه رؤوس الأموال إلى الدولار بفعل قرار رفع الفائدة، ما يجذب سيولة أكبر إلى الاقتصاد الأميركي من أوروبا وغيرها من الدول التي تعاني من الركود، وهو ما يؤدي إلى خفض اليورو مقابل الدولار، مشيراً إلى أن تراجع الأسهم الأوروبية يعكس هذه الحالة.وقال الزامل إن حالة انخفاض الأسهم الأوروبية تثير مخاوف، وتؤدي إلى خروج المستثمرين من السوق وتوجههم لاقتصادات أخرى، إلا أن الاقتصاد الأميركي بعد رفع الفائدة يعتبر الأفضل، في ظل ركود الاقتصادات الأخرى، لا سيما أن الدولار يعتبر العملة العالمية الأولى في أميركا وغيرها. كما يؤكد المحلل الاقتصادي سعود العصيمي هذا الطرح، مشيراً إلى أن اقتراب رفع الفائدة في أميركا، في ظل عدم وجود محفزات في كثير من الأسواق العالمية سواء التي تشهد ركوداً، أو تلك التي تتمتع باستقرار في النمو، أمر يبعث إلى التنبؤ بدورة اقتصادية جديدة.

القوة الشرائية

وقال العصيمي إن مؤشر القوة الشرائية للدولار يرتفع، وكثير من الأسواق يتأثر بارتفاع الدولار في مقدمتها الخام الأميركي، مشيراً إلى مرحلة التصحيح التي يمر بها سوق الأسهم الأميركية، بعد النتائج المخيبة للتوقعات في مقدمتها الشركات المدرجة في مؤشر داو جونز، حيث من المنتظر أن تتدفق رؤوس أموال للاقتصاد الأميركي.

وحول التوقعات عن مستقبل الاقتصادات العالمية، قال الدكتور يوسف الزامل إن الاقتصادات العالمية مرت بمرحلة ركود منذ عامين من اليابان إلى الصين التي ارتفع فيها التضخم، ومنطقة اليورو التي تعاني من ضعف النمو، إلا أنه من المتوقع أن تتحسن هذه الاقتصادات، مرجحاً أن يستمر الاقتصاد الأميركي في حالة التعافي التي يمر فيها، وكذلك خروج الاقتصاد الأوروبي من حالة الركود التي يمر بها، ولكن على فترة زمنية ربما تستغرق عامين من الآن.

تراجع التعاملات

يذكر أن الأسهم الأوروبية تراجعت في التعاملات المبكرة يوم أمس الجمعة متأثرة بانخفاض مؤشر الأسهم الألماني بعد هبوط مفاجئ للناتج الصناعي، حيث نزل المؤشر داكس الألماني 0.5% بعدما انخفض الناتج الصناعي والصادرات الألمانية أكثر من المتوقع بما أثار تساؤلات عن مدى قوة تعافي أكبر اقتصاد في أوروبا.

وأتى هذا التراجع بعد صدور بيانات اقتصادية أميركية متفائلة عززت احتمالات رفع مجلس الاحتياطي الاتحادي (البنك المركزي الأميركي) أسعار الفائدة في الشهر المقبل. ويشير ارتفاع نشاط قطاع الخدمات الأميركي إلى أعلى مستوياته في نحو عشر سنوات إلى زخم اقتصادي قوي يعزز دوافع رفع أسعار الفائدة الأميركية هذا العام للمرة الأولى منذ 2006.