دخلت الكرة السعودية عالم الاحتراف قبل أكثر من عقدين من الزمن ومازالت العقلية الرياضية بشكل عام سواء ـ إدارية أو فنية أو أنظمة ولوائح ـ تفتقد للكثير وتعاني من الفكر السقيم وترفض أي تطوير حقيقي على أرض الواقع.. نعم فغالبية الأندية إن لم يكن جميعها تنظر للاحتراف على أنه ـ سمعة وصيت وبهرجة وفشخرة ـ بينما المضمون العملي ظل في عزلة تامة عن الكرة السعودية التي تشهد اليوم ارتفاعا ضخما في حجم الديون والقضايا والإشكالات والإرهاصات داخل الأندية وداخل اللجان وحتى داخل اتحاد القدم المليء بالمشاكل.. كل ذلك بسبب الفهم القاصر لدرجة السخف والسذاجة لمفهوم الاحتراف كنظرية وتطبيق وأسس.

مضحك لدرجة (البكاء) أن ترى أندية في دوري جميل تقيم معسكرات إعدادية صيفا وشتاءً بعضها في أوروبا والبعض الآخر في المغرب العربي بملايين الريالات ثم تعود إداراتها مع بدء الموسم الرياضي وأول تصاريحها بعد المعسكر السياحي: شح الموارد المالية لتذهب وتصرخ لطوب الأرض وتشغل الجماهير في كل البرامج بحاجتها للمال وأنقذونا وافزعوا معنا!

مثل هذه العقليات الإدارية للأسف تظن أن (البذخ في الصرف) هو الاحتراف الذي يُرضي الطموح، وأن المعسكرات التي تقام في أوروبا وغيرها هي التي ستجلب اللياقة والارتياح النفسي ومنها لتحقيق الألقاب، وتناست هذه الجماجم المجوفة أن داخل الأندية مطالب والتزامات موسمية أهم بكثير من مظاهر البهرجة، وأن عدم الاهتمام بها سيقودها لفضائح مالية وشكاوى تصل للفيفا الدولي في كثير من الأحيان!

وبصراحة أكثر أقول: إن المنظومة الرياضية بأكملها ينقصها الكثير من العمل التنفيذي وليس التنظير في الإعلام وعقد ورش العمل التي لا رجاء منها.. الرياضة السعودية بحاجة إلى لوائح وأنظمة تبدأ بالجمعيات العمومية وأنظمتها لاختيار مجالس الإدارات ولا تنتهي بالحزم والصرامة والضرب بيدٍ من حديد على أعمال الأندية التي لا تفكر في سمعة رياضة البلد وتسعى لإضعاف موقف الكرة السعودية إقليميا ودوليا وبشكل مُحرج وغير مسؤول.

أتطلع فعلا أن يكون للرئاسة العامة دور فاعل وحيوي وتنفيذي لإيقاف الإدارات التي تعمل لنفسها فقط ولايهمها أبدا ماذا يعني العبث بسمعة الرياضة في وطن أعطى الكثير لهذه الأندية دون أي مردود إيجابي من هذه المنشآت الرياضية الحكومية سوى النكسات والخيبات والصراعات الداخلية الهوجاء.