من أجمل ما قرأت وشاهدت بعد ضجة سماح الحكومة الأميركية بزواج المثليين، تعليقا مختصرا من أمرأة أميركية يعبر عن احتجاجها على هذا القرار وفيه كتبت: الله خلق آدم وإيف "حواء" ولم يخلق آدم وستيف.

نعم المنطق والعقل والسوية أن الحياة الجنسية والمثالية بين رجل وامرأة لا بين اثنين من نفس الجنس، ولن ننسى أن نقول لأولئك الذين ضجوا بعمل أميركا الخارج عن نطاق الإنسانية وحتى المنطق الجنسي "إن في بلاد الأميركان هناك من ينافح لإيقاف مثل هذا القرار، ومن يدعو إلى معاقبة مرتكبي اللواط والسحاق، بل ويطالبون بمنع ذلك رسميا".

ومع المواقف المتباينة لا تشك أبدا أنّه حتى من ابتلي بهذا الداء في بلاد العرب لا يرضى أن يجاهر به، فكيف أن يطالب بقانون يجيزه؟! انطلاقا من أن قيم ومثل ودين راسخ تحكم الأمر فلا مجال أن تثير الأمر أو تدعو له، وهذا ليس من باب المحافظة على القيم والعادات بل إن مثل تلك الانحرافات خارجة عن النمط الإنساني وكما أشارت المرأة الأميركية أعلاه، إلى أن الله خلق آدم وحواء كجنسين يكملان بعضهما البعض، ولم يكن على بعض البشر إلا مخالفة الواقع البشري، والدفع بجعله مباحا بل مُشرّعا قانونيا.

قد نغفل مثل ذلك، ونقول هي حياة الغرب ولهم حياتهم ولنا حياتنا.. لكن ما يجعلك تكاد تنفلت من الغيظ، أن يظهر من خلال مواقع التواصل الاجتماعي بعض شباب وشياب من أهل بلاد العرب من يرى في الأمر حريات رائدة، كعنوان للديمقراطية، ونقول كلنا ندعو لأن نكون أكثر انفتاحا وديمقراطية، لكن أن نتخلى عن المنطق الإنساني وبشريتنا وقبل ذلك ديننا وكل ما عرفناه، واعتدنا عليه ففي مثل ذلك انكسار وتهشيم للقيم ولا حول ولا قوة إلا بالله.

قد تكون مواقع التواصل الاجتماعي سبيلا للمجاهرة والحديث بصوت عال من بعض المنفلتين ضد الثوابت، وإن اتخذت الآن موقع المحاسبة فيما يخص الثوابت والاعتداء واتهام الآخرين، لكنها قد فتحت الباب على مصراعيه لبعض المتخلفين يخلطون بين الحرية والقيم والثوابت، يقابل ذلك انكفاء غريب من أصحاب الرأي والمتخصصين لتحذير رواد مواقع التواصل من خطر "المثلية" وأمراضها وعقوباتها النفسية والجسدية دنيا وآخرة.

واللافت أكثر أن بعض مشايخنا -وفقهم الله- أو حتى من يضع نفسه كذلك على مواقع التواصل، قد فتح باب الحرب والشتم لمن يستملحون أو "يتميلحون" بما أفضت به أميركا من تشريع المثلية، وكان الأجدى أن تكون الدعوة بالحسنى بالتذكير بما هو مفيد عن الله ورسوله، لا كما قال أحدهم " على ....... واتباعهم أن يخرجوا من بلاد الحرمين" وهل في مثل ذلك خطاب مفيد أو رقي في الحوار؟ لكن مثل ما لدينا مندفعون خلف الحريات حتى لو كانت داعرة وقاتلة ومضرة، لدينا مندفعون لا يحسنون نصحا ولا تفاهما، وهم بعملهم يزيدون الفجوة والاختلاف.

قبل أن أختم جدير بأن أشير إلى طبيب سعودي راق بتوجهه، حينما نحا إلى الرد على أولئك بأن استخدم الدليل العلمي الطبي على التحريم من حيث سهولة نقل الأمراض، وشدة خطر ما ينتج عن مثل ذلك التلاقي المحرم، بل إنه فسّر: لماذا اتفقت الأديان السماوية على تحريم ذلك، ويا ليت البعض يتعلمون كيفية الحوار بالأدلة المقنعة لا بالصراخ والدعوة إلى الطرد؟!