"التصريف" أسلوب شائع استخدامه يعمل بمثابة مخرج طوارئ لإبعاد شخص ما غير مرغوب فيه، أو تنحية من يُرى أنه "نشبة" ولكن بطريقة ديبلوماسية!

كنت أظن "التصريفات" بقيت حكرا بين الأفراد في تعاملاتهم، أما المؤسسات الرسمية فقد تقاعدت عن استعمالها، وآخر عهد بها زمن التصريفة الشهيرة "راجعنا بكرا".

لكني كنت مخطئا في ظني، إذ لا تزال التصريفات الحكومية باقية، لكن بوجه وطريقة مختلفين يغلب عليهما طابع الرسمية!

مطلع شعبان الماضي، أعلن وزيرا التعليم والخدمة المدنية بعد لقائهما، قبول خريجي وخريجات الانتساب على الوظائف التعليمية في المفاضلات المقبلة، وفق ضوابط تصدرها وزارة التعليم خلال شهرين من تاريخه.

وقبل نحو 10 أيام أعلن وزير التعليم أن وزارته اتفقت مع وزارة الخدمة المدنية على قبول خريجي وخريجات الانتساب في الوظائف التعليمية وفق ثلاثة ضوابط، أولها الحصول على دبلوم تربوي بعد البكالوريوس "انتظام"، فيما اشترطت للمتقدم "الموظف" ألا تتجاوز مرتبته الوظيفية المرتبة الخامسة، وثالث الضوابط أن تكون أولوية المفاضلة للمنتظمين.

مربط فرس "التصريفة" يكمن في الشرط الأول، وهو الحصول على دبلوم تربوي بعد البكالوريوس لقبول خريجي الانتساب في الوظائف التعليمية، مع أن وزارة التعليم أوقفت الدبلومات التربوية في الجامعات السعودية وبخطاب من نائب الوزير يطلب فيه إيقاف جميع البرامج التربوية التي يتم تنفيذها في الجامعات، وهذا ما أكده المتحدث الرسمي لوزارة الخدمة المدنية.

وبما أن وزارة التعليم هي من أوقفت الدبلوم التربوي، وهي أيضا من اشترطت الحصول عليه لقبول المنتسبين والمنتسبات في الوظائف التعليمية، فلا تفسير لذلك سوى أنها "تصريفة" للآلاف من خريجي الانتساب الراغبين بالعمل في الوظائف التعليمية!

يبقى الأمر "تصريفة" واضحة ومكتملة الأركان والشروط، ما لم يقف خلف هذا التناقص انعدام تنسيق واطلاع مسبق على قرارات سابقة، لأنه في هذه الحالة يخرج الموضوع من دائرة "التصريف" إلى "الارتجالية" في القرار!.