لم يعد المشاهد ساذجا، يمكن أن تنطوي عليه حيل الأداء المصطنعة كتلك التي يقترفها بعض الممثلين، خاصة في بعض المسلسلات الخليجية المصوبة عينها على المرابحة في سوق البيع والشراء، بعيدا عن أهمية ما يطرح ومدى وقعه وأثره في نفوس المتلقين، ناهيك عن الرسالة المتضمنة.

الفنان المصري ماجد الكدواني ذو الملامح الطفولية المحببة، والأداء العفوي الصادق في كثير من أعماله التي قدمها على صعيد السينما أو التلفزيون، كانت له تجربة جميلة ومؤثرة في المسلسل الرمضاني "تحت السيطرة"، إذ لم يكن في الأصل ضمن طاقم العمل، حتى الحلقة العشرين منه، حين جاءه اتصال من مخرج العمل يرجوه المشاركة في مشهد واحد كضيف شرف.

المفاجأة أن الكدواني لم يرفض! لتكون الإجابة الشافية أن مشهد الدقائق التسع في الحلقة الأخيرة، كان أحد أقوى وأهم مشاهد المسلسل، إن لم يكن الأقوى على الإطلاق، فلقد كان أداء الكدواني -المعروف بالاتجاه الكوميدي- مفعما بالعفوية والصدق لدرجة اختطفت قلوب المتابعين ومشاعرهم، وغرست الرسالة المطلوبة في أعماق وعيهم، وجعلتنا نتسمر مشدوهين أمام تعبيراته الممزوجة بحديثه تسع دقائق -وهو وقت طويل في المعيار الفني في تصوير الأداء المنفرد للممثل التلفزيوني- لكن هذا لم يزدنا إلا تمسكا وانجذابا إلى المضامين القوية والأداء المحترف الذي لا يحتاج إلى ديكورات أو ماكياج أو سيارات فارهة، ولا قصور وتحف كما هو الأمر في الذهنية الفنية عندنا.

ماجد الكدواني كما يقول المثل "جاء يطل فغلب الكلّ"، وعلى فنانينا الصاعدين أن يتابعوا مثل هذه الأدوار النوعية، ويقتبسوا منها ما يمكّنهم من مهاراتهم، ويمنعهم من حمى التقليد أو الرتابة والجمود أو الإسفاف المباشر، خاصة في ظل عدم توفر محاضن متخصصة للفنون الجميلة لدينا، أعيدوا مشاهدة هذا المشهد مرات ومرات ففيه درس فني عميق.