الشعور الجميل الذي يتفاخر به كثير من الآباء بأن لهم أبناء مبتعثين، ما كان له أن يكون لولا الجهود التي بذلتها الدولة لنشر ثقافة الابتعاث، وفتح المجال لأكبر عدد من أبناء المواطنين للاستفادة من المشروع الكبير الذي يهدف إلى تأهيل أبناء الوطن في أرقى جامعات العالم، ليعودوا متسلحين بالعلم.

ولكن، ماذا لو عاد ذلك المبتعث حاملا درجة البكالوريوس في العلوم الإدارية أو الحاسب الآلي أو أي تخصص آخر، واصطدم بواقع سوق العمل الذي لم يستقبله بالأحضان؟ إما لأن تخصصه غير مطلوب، أو لأن جامعاتنا السعودية التي تناهز الثلاثين جامعة تضخ آلاف الخريجين كل عام في التخصص ذاته! حتما سيتغير الأمر ويبدأ من كان يفاخر بابتعاث أبنائه في لوم مؤسسات الدولة واتهامها بالإسهام في رفع نسب البطالة.

خلال 10 سنوات من تجربة الابتعاث الخارجي، كان الخيار للمبتعثين مفتوحا للدراسة في أي التخصصات شاؤوا، وكان الكثيرون يحرصون على الابتعاث أكثر من التخصص، بل إن منهم من درس على حسابه الخاص أملا في إلحاقه بالبعثة، وتحقق له ذلك، رغم أنه لو تقدم للبرنامج لم يُقبل لعدم تحقيقه شروط الابتعاث، وهذا جعل الكثير من المبتعثين يقعون في فخ التخصص.

كان لازما على الجهات المختصة أن تُقيّم التجربة وتدعم إيجابياتها وتستفيد من سلبياتها، فالبرنامج بلا شك أحدث نقلة نوعية في ثقافة المجتمع السعودي، ولكن حان الوقت كي يُعاد النظر في آليته، ليواكب احتياجات المرحلة القادمة، ومن هنا أطلقت وزارة التعليم برنامج "بعثتك وظيفتك" وهو -في نظري- أولى الخطوات التي ستعالج عددا من المشكلات، من أبرزها بطالة الخريجين، والحد من التخصصات التي لا تحتاجها سوق العمل.

من عهدة الراوي:

المبتعثون سفراء الوطن في الخارج، ينبغي أن يتم اختيارهم بعناية لهذه المهمة، كي نضمن عدم تسربهم من البرنامج، ثم عودتهم بمؤهلات علمية تفيد الوطن وتسهم في تنميته ونهضته.