يقول البعض إن الحرب على الفساد حرب ضارية، ولا يمكن لمن يجابه الفساد أن يخرج من المعارك بلا خسائر، وهذا الكلام نظريا صحيح، فمن يتمسك بالقيم والمبادئ قد يواجه مواقف قاسية في حياته، ولربما يضيق عليه في وظيفته وحياته وترقياته، وأحيانا حتى سمعته..

فيقال عمن يرفض توظيف أخ له أو قريب بأنه "ما فيه خير"! ويقال عمن يطبق النظام ويتبعه "شديد" وغير متعاون، ويقال عمن يرفض الرشوة وأشباهها من الهدايا والتسهيلات "دلخ"!

هذا كلام الناس الذي يعتمد للأسف على قاعدة تقول: إن شيوع الخطأ يبرر ارتكابه، وبالتالي يستسهل الناس ممارسة الخطأ من باب انتشاره، وهنا تحدث المعضلة الكبرى فيظهر المعقب تارة والسمسار تارة أخرى.

وبعيدا عن كلام الناس تعالوا بنا نستحضر كلام الله عز وجل خالق الكون في كتابه الكريم وفي سورة محمد: "يا أيها الذين آمنوا إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم"، وفي الآية الكريمة من سورة الطلاق وعدالله من يتقيه بالمخرج الرباني حيث قال: "ومن يتقِ الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب".

وبعد استعراض كلام الله وكلام الناس علينا أن نحدد وجهتنا ونرمي تفاسير البشر خلف ظهورنا، ووالله ما وجدت في حياتي شخصا حارب الفساد وكافح من أجل نشر النزاهة إلا عوضه الله خيرا ولو بعد حين، وكم من شخص فقد ماله ووظيفته ومنصبه بل وأحيانا وجاهته بسبب مجابهته الفساد ورموزه ثم ما لبث أن عاد بفضل الله أكثر مالا ونفوذا.. ولأن الدنيا دار اختبار فقلة هم من يتجاوزون هذا الاختبار، فنجد الأغلبية تضعف وتعيد تشغيل الأسطوانة إياها لنعود إلى المربع الأول في شيوع الخطأ وتبرير ارتكابه.

خاتمة: كونوا فقراء بكرامتكم خير من أن تكونوا أغنياء بفسادكم، ويكون مصيركم جهنم.