يمسكون فرشاتهم بثقة، ويرسمون أحلام وأوهام وأوجاع البسطاء.. عندما تتأمل ابتساماتهم وفرحهم بكل من يأتي إليهم معجبا أو ناقدا أو حتى فضوليا، تجد خلف هذه الابتسامات الكثير من التفاؤل الممزوج بإحباط من الوضع المحيط بهم وما يصفونه بالتهميش المتعمد.

إنهم فنانو قرية المفتاحة التشكيلية التي تقع ضمن إطار مركز الملك فهد الثقافي بأبها، الذي يضم إلى جوار المراسم مقر فرع جمعية الثقافة والفنون، والمسرح الكبير الذي كان وما زال من أميز المسارح المشابهة له في جميع مناطق المملكة. لكن هل ما يقدم عليه حاليا يحقق التميز الذي عرف به هذا المسرح أم لا؟

سأترك الإجابة للمتابعين ولمن يهمه الأمر فقط!

والحق أن الحياة بدأت تعود لقرية "المفتاحة" في الفترة الأخيرة شيئا فشيئا، بعد أن كادت تموت وتصبح من الماضي، فالفترة الحالية تشهد حضورا جيدا للفنانين التشكيليين الذين يستقبلون الزائرين في مراسمهم على مدار اليوم، ويقدمون بعض الورش ومنها ورشة للأطفال، لكن كل هذا يتم بجهود واجتهادات شخصية تحتاج ولا شك إلى دعم أكبر؛ لأن المبدع -في أي مجال- يستحق الدعم المالي والمعنوي حتى يستمر في تطوير تجربته؛ ولأن المكان الفريد من نوعه في المملكة -قرية المفتاحة- وربما خارجها، يستحق التفاتة أكبر من الجهات المعنية والقادرة على الدعم المالي والإداري.

المبدع الحقيقي أحلامه بسيطة، فهو لن يحلم بأن يكون تاجرا من نتاج عمله مع أن له الحق في ذلك، كل ما يحتاجه هو النظر لما يقدم باحترام وتقدير، وتذليل الصعوبات التي يواجهها وفي مقدمتها العقبات الاجتماعية والاقتصادية.

ولكي أكون صادقا مع نفسي ومع هؤلاء المبدعين، فإنني لم ولن أتوجه بكلامي هذا لوزارة الثقافة والإعلام، فلم يعد المأمول منها كبيرا، ولو كانت ستفعل شيئا أو ستتحرك لإنقاذ ما يمكن إنقاذه ثقافيا وعلى جميع المستويات، لفعلت منذ سنوات، ولكانت استجابت لآلاف المقالات والمطالبات والأفكار التي طرحت في أوقات أفضل من هذه الأيام. لكن ما آمله أن تنظر الجهات الرسمية والسياحية والقطاع الخاص في منطقة عسير أو أي جهة خارجها في آلية تكاملية؛ لجعل قرية المفتاحة التشكيلية ومركز الملك فهد الثقافي قبلة المبدعين والمثقفين في المملكة، سواء في الصيف أو غيره، فالأمر ليس صعبا لو كانت هناك إرادة جادة.