آلاف العائلات التي تسكن الرياض؛ لا تستطيع السفر.. ربما لكون الأب على رأس العمل.. ربما ظروفها الاقتصادية لا تمكنها من السفر.. ربما هناك أسباب أخرى.. وليست كل عائلة تمتلك مزرعة أو استراحة خاصة.. أين لها إذن أن تستمتع بالصيف في مدينة مثل الرياض، حيث لا بحر ولا نهر.. أنّى لها ذلك في شهر أغسطس الذي بدأ قبل يومين!

دعونا نتحدث بموضوعية.. نحن نبحث في يومياتنا عن الحلول.. والحلول لأغلب مشكلاتنا ليست صعبة.. ضع هذا الأمر على الطاولة.. انظر حولك.. لقد استطاعوا في دبي والدوحة والكويت أن يحولوا الحلول واقعا على الأرض.. وضربت مثلا بهذه المدن الأربع لأنها نسخ كربونية عن الرياض من حيث الطقس..

صنعوا مدنا مصغرة داخل هذه المدن.. أعني بها تلك المولات الضخمة.. والمراكز والمولات التجارية بالمناسبة لم تعد خاصة بالتسوق.. من يعتقد ذلك فهو مخطئ تماما.. كثير، وكثير جدا من مرتاديها اليوم لا يقصدونها لأجل التسوق. المولات اليوم اختلفت عنها في السابق..

في أغلب دول العالم -خاصة في قارة آسيا- اختلفت المولات جذريا خلال السنوات العشر الماضية، وفصّلت في ذلك في مقال سابق وجهته لسمو رئيس الهيئة العليا للسياحة، فهناك من يقصدها لتناول ساندويتش.. هناك من يتوقف فيها لتناول كوب من "الموكا الساخنة".. هناك من يقصدها للاستمتاع بالأقسام الترفيهية المصغرة الموجودة داخلها.. هناك من يمارس رياضة المشي وسطها.. هناك من يحضر لمشاهدة فيلم.. هناك من يقابل ضيفا عابرا في مجمع تجاري! وفيها فروع البنوك والصيدليات والاتصالات والمراكز الرياضية ومراكز التجميل والمكاتب والمكتبات والمعارض الفنية والتشكيلية والعروض الشعبية والندوات وغير ذلك كثير وكثير.. والمعنى المكرر: لم تعد المراكز والمولات للتسوق فقط كما كان في السابق.. لكن هذا لا ينفي أنها تشهد حركة شرائية عالية!

الخلاصة: نحن في بلادنا، وفي الرياض على وجه التحديد، بحاجة لإعادة تعريف المولات التجارية. بحاجة لأنسنتها. لتحويلها لمدينة مصغرة، كما فعل ذلك غيرنا.. يفترض إلزام ملاكها بتطويرها وتحسينها وتهيئة البنية التحتية، ومن ثم دعوة القطاعات الثلاثة، الحكومي والخاص والخيري للوجود وسطها. المسألة لم تعد مجرد "مول" يبيع الملابس والإكسسوارات والعطور.. هل الأمر صعب لهذه الدرجة يا هيئة السياحة؟!