الفَقْر لغة حسب المعجم الوسيط هو: العَوَز والحاجة. والجمع: مَفاقِر (على غير قياس). والفَقْر الشَّقُّ والحَزُّ. والفَقْر الهمُّ والحرْص. والجمع: فُقورٌ. والفقير: هو من لا يجد قوت يومه. وحسب تعريف البنك الدولي نقلا عن موسوعة الويكيبيديا فإن: "الدول منخفضة الدخل أي الفقيرة هي تلك الدول التي ينخفض فيها دخل الفرد عن 600 دولار، وعددها 45 دولة معظمها في أفريقيا، منها 15 دولة يقل فيها متوسط دخل الفرد عن 300 دولار سنويا. ويضيف برنامج الإنماء للأمم المتحدة معايير أخرى تعبر مباشرة عن مستوى رفاهية الإنسان ونوعية الحياة. (Livelihood) هذا الدليل وسع دائرة الفقر بمفهوم نوعية الحياة لتضم داخلها 70 دولة من دول العالم، أي هناك حوالي 45% من الفقراء يعيشون في مجتمعات غير منخفضة الدخل، أي هناك فقراء في بلاد الأغنياء، ويكتفي هنا بذكر أن 30 مليون فرد يعيشون تحت خط الفقر في الولايات المتحدة الأميركية (15% من السكان)، وخلال النصف الثاني من القرن العشرين كثر الحديث عن الفقر والفقراء في أدبيات الأمم المتحدة، بالتوسّع من الظاهرة الاجتماعية في المجتمع الواحد، إلى الظاهرة العالمية بتصنيف البلدان إلى غنية وفقيرة، وبتحديد مقاييس ومؤشرات للفقر في مستوى البلدان وكذلك الأفراد مع مراعاة النسبيّة، فالفقير في اليمن لا يُقاس بالمقاييس نفسها التي يقاس بها الفقير في أميركا الشمالية".

وحسب هذه المعايير والتعريفات نستطيع القول، وبنسبة كبيرة أنه لا يوجد في السعودية رجل فقير. لكن يمكن أن توجد أنثى فقيرة، وهو ما تحدثت عنه بعض الدراسات التي أجرتها مؤسسة الملك خالد الخيرية في دراساتها عن الفقر، وقدمت من خلال تلك الدراسة تقسيمات مهمة للفقر في ما يُعرف بدراسة "خط الكفاية في المملكة العربية السعودية"، و"الفقر المؤنث".

وهي دراسات عميقة صادرة عن مركز إيفاد للدراسات والاستشارات، تسعى لتقديم صورة واضحة للأمر حتى لا يتحول إلى مشكلة، وخلصت الدراسة إلى أن تدني مستوى التعليم عند بعض الإناث، ومحدودية فرص العمل، وتعثر وسائل المواصلات، وبعض العادات القبلية، تعتبر أسبابا رئيسية في ظهور هذا النوع من الفقر.

وفي هذا الشأن تقول الدكتورة مجيدة الناجم مديرة مركز إيفاد: "لعل أحد أسباب انخفاض نسبة عمل المرأة، انخفاض ما يتاح لها من فرص عمل في سوق العمل، وحصرها في وظائف ومهن محدودة جدا، وهذا يحد من اتجاهها نحو العمل..، وهنا يتضح أن سبب عدم عمل المرأة هو قلة فرص التعليم المتاحة لها ونقص المهارات..، وانعدام الخبرات سيحد حتى من الفرص التي قد تتاح، لأن سوق العمل يفضل العامل ذا الخبرة السابقة".

إذن، نحن أمام مشكلة اجتماعية عميقة أكثر منها مشكلة اقتصادية، وهذه المشكلة تتعلق بعدد من الممنوعات العرفية التي تواطأت على صنعها مجموعة من العادات والتقاليد البالية في لحظة تاريخية ما، واستمرت بغرابة إلى وقتنا الحاضر بنسب متفاوتة من مكان إلى آخر.

ومن وجهة نظري لا أرى أن الخلل الناجم عن هذا الوضع يمكن أن يقنعني بوجود فقر أو فقراء في السعودية بالمفهوم العميق للفقر، فالمشكلة ليست تعثرا اقتصاديا ولا تشوها في مفهوم التكافل والترابط الاجتماعي، بقدر ما هو ارتباك البعض في التعامل مع بعض الأنظمة والقوانين الخاصة أحيانا، لاستغلال ما أتاحته الدولة من فرص ومخارج عديدة للحصول على حياة كريمة أفضل، وهي نسبة صغيرة جدا لا تعيش حالة الفقر المدقع على أية حال كما يصوره البعض.