يؤكد الحادث الإرهابي الذي استهدف أمس الخميس مسجد قوات الطوارئ في أبها والذي أدى إلى استشهاد وإصابة عدد من أبناء قواتنا المسلحة مع بعض العمال الأجانب، أن معركة وطننا ضد تنظيم "داعش" وأشباهه لن تنتهي بين يوم وليلة، لكنها محسومة – بإذن الله تعالى – لمصلحتنا، لا لأننا أصحاب الحق فيها وحسب، وإنما أيضا لما يمثله هذا التنظيم الشيطاني الأرعن من خطر على الإسلام وأهله.

لقد كانت السعودية وستبقى - بإذن الله - بلد الإسلام ومنارة عزه، سلاحها في ذلك العمل الصالح والعطاء الإنساني الذي يمتد إلى كل أرجاء العالم تحت راية التوحيد، ولذلك بالضبط يبدو استهدافها من قبل مجرمي "داعش" أمراً مفهوماً في إطار سعي هذا التنظيم الغامض المريب إلى تقديم صورة مضادة وكريهة عن الإسلام، بما يوفر لأعدائه - وما أكثرهم - مزيدا من المبررات التي تسمح لهم بمواصلة عدوانهم علينا، بداعي حماية أنفسهم منا، بل وحمايتنا من أنفسنا، رغم أن أمتنا - ولا أحد قبلها - هي من أسست لأفكار التعايش والتسامح ونبذ الكراهية والعدوان.

في هذا الإطار، يسعى "داعش" منذ قرابة عام إلى نقل منهجه الدموي إلى داخل المملكة، ومن ثم تجريد وطننا من النعم التي يحوزها بإيمان أهله ورشد حكامه، تمهيداً لجره إلى دائرة الدم التي سبق له جرها في العراق وسورية وليبيا ومصر، لكن الوقائع تؤكد أن هذا المسعى خائب وتعيس، بدليل أن كل جريمة تتعرض لها السعودية، تتحول بين مواطنيها إلى حافز إضافي للتوحد والتلاحم والتحرك من أجل غد خال من التنظيمات والأفكار الضالة.

للتأكد من ذلك، انظر إلى ما تنتهي إليه عمليات "داعش" وستجد أننا بصدد جماعة غير قادرة على إنجاز أي من أهدافها، ففي البدء كان التركيز على إشعال فتنة مذهبية في القطيف عبر تفجير مسجد شيعي، فما كان من جموع السعوديين إلا أن شبكوا أياديهم وصدوا المحاولة، ثم جاء تفجير مسجد العنود بالدمام لضرب التعايش التاريخي القائم في المنطقة الشرقية، وهو ما رد عليه السعوديون أيضاً بمزيد من التسامح والمودة. أما تفجير مسجد قوات الطوارئ في أبها، والذي استهدف إرهاب رجال الأمن وإشاعة أجواء الخوف بين الناس، فيكفي دليلا أولياً على فشله: تسابق المواطنون بعفويتهم المعهودة إلى تقديم المساعدة للمصابين والجرحى.

ربما يظن "داعش" أن وصوله إلى موقع بأهمية مسجد قوات الطوارئ يمثل علامة على نجاحه في تجاوز الضربات الأمنية المتلاحقة ضده، غير أن المدقق في الأمر سيجد العكس، فمثل هذا التفجير إنما يُجسد ضعف التنظيم وتعاسته، وقبل ذلك كله عجزه عن النيل من أمن مجتمعنا أو اكتساب شعبية بين أبنائه القادرين دوما على التمييز بين الحق والباطل، موقنين أن من يستهدف أرواح من ولوا وجوههم شطر القبلة محتمين بمعية الله تعالى، لا يمكن أن يكون إلا أداة للشياطين!