من الممكن أن نستمر بإلقاء اللوم على الجميع، ومن الممكن أن نسطر مئات المقالات وعشرات الكتب بأننا مستهدفون، وأن الكون كله يتآمر علينا! لكن هل سوف يجدي هذا الهروب نفعا؟ أم أننا سوف نبقى نتلقى الطعنات الغادرة من أبنائنا مرة تلو الأخرى؟

أعتقد أن الوقت قد حان لمزيد من المكاشفة الحقيقية، وتجاوز المناكفات وحرب المكاسب بين التيارات، فالإرهاب يؤثر علينا جميعا، نعم حان الوقت للعمل الجاد لمكافحة الفكر الضال بكل وسيلة متاحة، سواء على مستوى تجفيف المنابع الفكرية أو ملاحقة المحرضين المستترين ثم المستوى الأهم؛ وهو التركيز على كشف زيف الأسس الفكرية الهشّة التي تقوم عليها هذه الجماعات الضالة.

يجب أن نعترف أن جهود كشف هرطقات أولئك المارقين لا تزال خجولة أو لا تكاد تذكر! فلك أن تتصور أن "تويتر" أو شبكة الإنترنت مملوءة بالتأصيل الشرعي المزيّف؛ لقتل رجال الأمن دون وجود رد شرعي يلجم هؤلاء، بل لا يوجد طالب علم واحد تصدى لتفنيد وشرح الإطار الزمني وظروف الفتاوى المنتقاة من شيخ الإسلام ابن تيمية، وللأسف فإن حملة "السكينة" الإلكترونية لا تزال دون المستوى المأمول، ولم تعمل بشكل متواصل على نشر الرد الشرعي على تلكم الشبهات، وبالطبع هذا التقصير يمتد إلى قنوات وإذاعات الإعلام الرسمي التي يبدو أنها لم تدرك أن الشباب هم المستهدف الأول، فلا يزال أسلوب الخطب والاستضافات هو العمود الفقري لمجابهة الفكر الضال، وبالطبع هذه القوالب الفنية هي آخر ما يهتم به الشباب.

جميعنا يتحمل قدرا من المسؤولية، تبدأ من عائلته الصغيرة، وتمتد نحوه محيطه الوظيفي والاجتماعي، ولا تنتهي بمجرد معارضته الإرهاب، وحتما أن هذا السرطان لن يتوقف إلا حينما يقتلع من جذوره، ويصبح كما الشجرة التي يقطع عنها الماء والضوء. حينها بالتأكيد سوف تموت وتتحول إلى "حطب" تأكله النار ويذهب هشيما تذروه الرياح.