كلنا يتذكر عندما أطلق خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود كلماته عبر المجالس المفتوحة في قصر اليمامة، وقصر السلام بقوله "آذاننا مفتوحة وقلوبنا كذلك ترحب بالنقد والاستماع إلى الآراء وهواتفنا مفتوحة نسمع فيها ما يفيد هذا الوطن".. كانت هذه الكلمات عنواناً صادقاً ورسالة واضحة لكل مواطن أن يقدم الرأي والمشورة من خلال دخوله المجالس المفتوحة التي تعودنا عليها منذ أيام الملك عبدالعزيز -رحمه الله- إلى يومنا هذا وقلوب قادة هذا الوطن ترحب وتفتح أبوابها لكل رأي مصيب ونقدٍ بناء حتى وصل هذا الوطن بأبنائه إلى فتح الخيارات أمام الجميع للترحيب بهم والجلوس معهم على مختلف فئاتهم، من العلماء والمفكرين وأصحاب الرأي وعموم المواطنين الذين يتوافدون أسبوعياً إلى هذه المجالس ثم مجلس الشورى عبر ما يعُرف بعَريْضة المواطن، وفتح المجال للمراجعين في بريد التواصل الإلكتروني في الديوان الملكي، ولم يَعْد لأحد عذر لكي يصل إلى رأس الهرم في الدولة شارحاً مطالبه ومقدماً عريضته. قبل سنوات معدودة، جاءت نافذة أخرى حرصت الحكومة على أن تكون أقوى نافذة يقدم فيها المواطن رأيه وفكره من خلال المجالس البلدية على مستوى الوطن في الشرق والغرب، وفي السهل والجبل، حتى إنني رأيت الإعلانات قد وصلت إلى سهول تهامة وإلى جبال فيفا وإلى حدود الوطن جميعها، فلم يَعْدُ مبرر للتراخي عن المشاركة الوطنية بفكر، أو رأي يعلم جيداً أنه يصب في مصلحة الوطن ومواطنيه، بل حتى على تنمية من يقيم على أرضه.
اليوم جاءت رسالة المجالس البلدية واضحة تشرح أهدافها وتدعو إلى سرعة الدخول في معترك هذه الانتخابات ليكون الرجل والمرأة وأبناء الوطن على قدم المساواة في المشاركة المجتمعية. وفعلاً عندما نعود بالذاكرة إلى الدورتين السابقتين نلحظ أن هناك إقبالاً على هذه المجالس، لكن اللجان المنظمة لهذه الانتخابات -في هذه الدورة- تلافت كثيراً من الملحوظات، ووسعت الصلاحيات وفتحت أمام الجميع فرصة المشاركة. فقامت مشكورة بتوسيع دائرة الأعضاء وتخفيض سن المشاركة إلى الثامنة عشرة. أضف إلى هذا التطوير أن المرأة في هذه الدورة ستحظى بأن يكون لصوتها ولاسمها مجلس تتحدث من خلاله وتقدم فكرها ورؤيتها عن بنات جنسها، فقد اتخذت الإجراءات كافة لإنجاح العملية الانتخابية في موعدها المحدد، ويبقى الدور المنوط بنا نحن الذين تقع عليهم عوامل النجاح بالمشاركة الصادقة، والتقدم إلى هذه المراكز واختيار الأصلح؛ لبناء هذا التشريع الذي يهدف إلى رفع مستوى الخدمات النخبوية بصياغة الأفكار وتقديم المقترحات والدفع بها إلى هذه المجالس بعد مباشرتها لأعمالها. لا يعني كونك شاركت أو سجلت في هذه الانتخابات أنك قد منحت فرصة هذه المشاركة حتى لو كان صوتك لم يحظَ بالإعلان؛ فإنك سوف تستمر في طرح أفكارك وعطاءاتك الإبداعية بزيارة المجالس البلدية أثناء انعقادها، ووضع تصوراتك أمام المجلس المنتخب.
إن مساحة الرأي المتاحة في هذا البلد بدأت بحمد الله تنير الفكر أمام المواطن، بالإيمان به وبتوجهه وأنه أحد عوامل النجاح في العطاء التنموي الذي يهدف إليه ولاة الأمر في هذه الدولة حرسها الله.