بعد كل عملية تفجير في مسجد، وهو ما صار طرفا ثابتا في كل عملية، أي المسجد، ننتظر أياما قليلة ثم تخرج علينا معلومات منفذ العملية "الانتحاري" وصورته في التلفاز والصحف والمواقع وفي كل مكان، وتكون الصورة الأكثر تداولا ونقاشا والأكثر تلقيا للشتم واللعنات.

تختلف المسميات التي يوصف بها الانتحاري، الذي عادة ما يكون للأسف الشديد سعودي الجنسية، وملتحيا ولو قليلا، وفي مقتبل العمر من العشرينات، فيوصف بـ "الانتحاري" وهناك من يطلق عليه مسمى "الهالك" أو "الضال" فيما يصفه أصحابه الدواعش بـ "الشهيد" ويتغنون ببطولته ومقامه في الجنة.

وبالطبع يدفع ثمن هذه البطولة الرخيصة عائلته وأقاربه وقبيلته التي يحمل اسمها؛ لأن الناس تتداول الاسم بشكل واسع، فيضطر بعض أبناء العائلة أو القبيلة إلى التبرؤ منه ومن عمله الجبان، وينبري آخرون للدفاع عن العائلة والقبيلة التي يحمل اسمها الانتحاري، وتبقى الحقيقة الثابتة أن ما فعله الانتحاري لا علاقة له لا بجنسيته ولا بأصله أو فصله، ولا حتى بالبيت الذي ولد وتربى فيه.

المأساة الكبيرة هي تلك التي يعيشها والدا الانتحاري وهما يشاهدان صورة فلذة كبدهما عبر وسائل الإعلام كمجرم حرب، ولا يكفي أنه قتل نفسه بل قتل مجموعة من الأشخاص، وكيف قتلهم؟ وهم يصلون في مسجد، إنه شعورٌ قاتل، تركه الابن الضال لوالديه، وكما يستحق أبناء الشهداء العناية فذوو الانتحاري يحتاجون إلى الرفق والتطمين، فابنهم لم يمت شهيدا فداء للوطن وصورته ستبقى رهينة الجرم والبشاعة.